الثلاثاء، 27 مارس 2018

مقال يستحق القراءة : عصر المريض الإلكتروني هاشم أبوبكر

نتيجة بحث الصور عن عصر المريض الإلكتروني



مقال يستحق القراءة : عصر المريض الإلكتروني هاشم أبوبكر
العلاقة بين المريض ومقدم الخدمة تغيرت للأبد، المريض الآن لا يحصل على المعلومات من الانترنت فقط! بل أصبح يشارك في القرارات الصحية أيضا.

في الواقع، أنه أصبح بالإمكان للمريض الحصول على معلومات دقيقة ومفيدة للغاية وعلى سبيل المثال كشفت دراسة مؤخراً نشرت لدورية General Internal Medicine بأن ٦٠ ٪‏ من المشاركين وجدوا أن المعلومات بالإنترنت توازي أو أفضل مما حصلوا عليه من مقدمي الخدمات الصحية!!.

ايضا أدى ذلك لاكتساب المعرفة في اتخاذ القرارات حول القضايا ذات الصلة بالصحة والاعاقة، والمرضى حاليا يستخدمون الإنترنت لتفسير الأعراض الشخصية، وتقييم مقدمي الرعاية الصحية، والحد من ضبابية الحالات الصحية غير الواضحة أو المتيقنة، والمشاركة بنشاط في تحقيق التفاعلات الصحية الخاصة بهم.

فالبحث عن المعلومات الصحية في فضاء الانترنت يشجع المرضى للتفاعل ويمَكنهم من زيادة خبراتهم نحو صحتهم.

نحن بحاجة الى تشجيع المرضى والمواطنين للبحث عن ما يدور حول صحتهم في فضاء الانترنت لتقريب الفجوة بينهم وبين مقدمي الرعاية الصحية، ولا اقصد هنا التوعية الصحية انما تمكين المريض من الحصول على معلومات موثوقة تهمه، فليس ثمة شيء أغلى من صحته.

وأذكر مثالا جميلا لصديقي الدكتور «البدر حمزة» أو كما يسمي نفسه «دكتور مفاصل» وهو طبيب متخصص في أمراض الروماتيزم يعمل بمستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة، فبعد زيارة المرضى له يزودهم بموقعه المسمى دكتور مفاصل والذي فيه الكثير من المعلومات المفيدة للمرضى، وقد اكتشفت شخصيا ان علاقة هذا الطبيب مع مرضاه قريبة جدا، وساهمت هذه العلاقة في تحسين صورة المستشفى الذي يعمل به.

الأمثلة كثيرة لزيادة تفاعل المرضى، فمثلا استخدام تطبيقات على الموبايل «الجوال» والتي تقدم محتوى صحيا غنيا من المعلومات الصحية والطبية، بالاضافة إلى تكوين شبكات اجتماعية خاصة بين الأطباء والمرضى أو فئوية تناقش هموم وأمور فئة معينة سوف تكون ذات تأثير إيجابي كبير.

ومن المعوقات المهمة في هذا المجال ضعف المحتوى العربي في مجال المعرفة الصحية، رغم وجود محاولات هنا وهناك ولكنها غير كافية ومعظمها يصب في زيادة معرفة الطلاب أو الباحثين الأكاديميين أكثر من المريض نفسه، فالمطلوب مشاركة المرضى والمواطنين فنحن نناقش صحتهم، وهم جزء من معادلة رفع المستوى الصحي الوطني.

"No decision about me without me"

«لا قرارات تخصني بدوني» هذه ترجمة لعبارة موجودة في جميع أنظمة وأدلة الـ NHS المسئولة عن تنظيم تقديم الرعاية الصحية في بريطانيا.

طبعا الـ NHS أخفقت في عام ٢٠١٠م في تطبيق مشاريع الصحة الالكترونية إلا انها استفادت من اخطائها وأصبحت مدرسة متميزة تدرس العالم تجنب الأخطاء في التحول الالكتروني للخدمات الصحية، وأخذوا يفكرون في الجوانب السهلة والتي يمكن تطبيقها بسرعة ولا تحفها مخاطر تؤدي للفشل، فنجحت في تطبيق ما يسمى E-Triage أو الفرز الالكتروني للتخفيف من الزيارات للمستشفيات بدلا أن يكون الفرز داخل المستشفيات حيث إن المشكلة انتقلت من العيادات التقليدية إلى عيادات الفرز، فتجربة بريطانيا بـ اسكوتلندا خلال العشر السنوات السابقة كانت مميزة وحققت نجاحا بارزا حيث استطاعت خدمة سكانها والذين يبلغ عددهم ٥ ملايين نسمة من خلال نظام واحد للفرز الالكتروني وكانوا يستقبلون ما يعادل ٢ مليون مكالمة و ٢ مليون طلب على الويب في كل سنة ويسمى هذا النظام NHS 24 والخدمة تقدم من عدة قنوات مثل الهاتف، الويب، التلفزيون الرقمي، التطبيقات الهاتفية، الفيس بوك، وتويتر.

وهدف الخدمة هو تحسين صحة الشعب الإسكتلندي ورفاهيته عن طريق زيادة الوصول والتقليل من الحضور لمراكز تقديم الرعاية الصحية بشكل تقليدي. ومن اهم إنجازات منصة E-Triage التالي:

تقدم معلومات طبية مهمة يفهمها العامة مع ارشادات للإسعافات الأولية بشكل سلسل وسهل.

تقدم هذه المنصة خدمة تذكير المرضى بالمواعيد حيث خفضت عدد المرضى الذين لا يحضرون لمواعيدهم بنسبة ٤٠٪‏ ووفرت ما قيمته ٥٠ مليون جنيه إسترليني، وتم تحويل ٣٠٪‏ من المكالمات غير المجدولة إلى العناية الذاتية.

واظهر التطبيق المبدئي للمنصة في المناطق انخفاضا لمعدل الوفيات بنسبة ٤٥٪‏ ونسبة ٢٠٪‏ انخفاض نسبة الحضور لاقسام الطوارئ.

انخفاض ملحوظ لنسبة الانتحار عبر تقديم خدمة "Breathing Space" من خلال نفس المنصة، وقررت الـ NHS التوسع في هذا المجال ونشره وهي تحقق تقدما كبيرا.

كانت هذه بعض الأمثلة في موضوعنا ان المريض أو المواطن له دور كبير في تحسين الصحة عامة وتلقي بعض الخدمات الطبية غير الحرجة الكترونيا دون الحاجة لمراجعة المستشفيات أو المراكز الصحية وبذلك سوف ينعكس على اداء وجودة أعمال مقدمي الرعاية الصحية ويخفض الكثير من التكاليف المالية والهدر ويرفع الرضا والثقة 



لدى الجمهور، وخصوصا ان التوجه الجديد أصبح للأفراد أكثر من المجتمعات، فعلى المسئولين عن الصحة ومعهم المفكرون ومقدمو الرعاية الصحية اعادة النظر في استراتيجياتهم وإيجاد سبل وطرق لمشاركة المواطن والمريض في بناء مجتمع صحي معرفي يساهم في تقدم الصحة للوطن.

صحيف اليوم السعوديةمارس 24, 2016, 3 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق