الأحد، 21 أبريل 2019

نظرية "المحيطات الزرقاء".. كيف تُهزم المنافسة وتخلق الشركات فرصها الخاصة؟




في عصر ما قبل البارود خلال القرن الثاني عشر الميلادي، التقت 7 رايات عسكرية عند سفح سلسلة جبلية هائلة في وسط آسيا حيث اكتشفت للتو احتياطيات ضخمة من الذهب والمعادن النفيسة في قلب هذا الكيان الصخري، ولقيمة هذه الثروة الهائلة اندلعت حرب شعواء.


وتزامن الصراع العسكري مع عمليات استخراج الموارد المتاحة بهذه الجبال، فلا شيء يمكنه تمويل وتبرير الحرب سوى المكاسب الكبيرة التي تنطوي عليها، ونظرًا لصعوبة التعدين في ذلك الوقت، فإن الكثير من الثروة ظلت قابعة بين الصخور وطال زمن الاقتتال.

بمرور الوقت، كان هناك جيشان (هما الأقوى) استطاعا تحقيق أكبر المكاسب المادية والعسكرية في هذه الحرب -التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المقاتلين- بفضل إمكانيات اقتصاديهما التي ضمنت لهما وفرة في تدفق الموارد المالية والعتاد اللازم للحفر والدفاع.

على جانب آخر انسحبت دولتان من هذه الحرب بعد تكبدهما خسائر اقتصادية وعسكرية فادحة دون قدرة على الوصول إلى قدر معقول من ثروات الجبال، فيما ارتضت ثلاثة بلدان أخرى بما استطاعت الوصول إليه وحاولت قدر الإمكان الحفاظ على مكتسباتها من مواقع التعدين.

وعملت البلدان الثلاثة أيضًا على تجنب الانجراف إلى صراعات مفتوحة مع القوى الكبرى في الوقت الذي تحولت فيه عمليات الكر والفر بين المقاتلين إلى عمل روتيني يجب مواجهته من أجل الصمود وضمان استمرار الوصول إلى إمدادات الذهب الوفيرة.

ورغم دموية الصراع، كانت تظهر من وقت لآخر عصابات وقبائل صغيرة في محيط المنطقة تحاول الانقضاض على الجبال سريعًا وشحن ما يمكن لأيديها الوصول إليه، وكثير منها أبيد عن بكرة أبيه قبل حتى أن تصبح مواقع التعدين على مرمى العين.


ومع ذلك، فإن بعض هذه القبائل صمدت لفترة لا بأس بها وحققت مكاسب أكثر مما كانت تحلم به، فيما تحالف بعضها مع الجيوش الرئيسية المتصارعة خاصة الجيشين الكبيرين اللذين فضَّلا الاعتماد على هذه المجموعات خفيفة الحركة لدرايتها الجيدة بالطبيعة الجغرافية للمنطقة.

إن كانت تبدو لك هذه القصة خيالية، فهذا لأنها فعلًا خيالية، لكنها تشبه واقعاً يتكرر في عالمنا باستمرار، وتحديدًا في الأنشطة التجارية التي تشهد منافسة شرسة في أسواق تقليدية تكون قواعد اللعب فيها معلنة، وتحاول كل شركة الإطاحة بمنافستها خارج السوق للاستئثار بالوصول إلى العملاء.

ويعرف خبراء الإدارة هذه الطبيعة التجارية باسم "المحيط الأحمر" وفيه تكون قواعد التنافسية معروفة ومقبولة، لكن مع اشتداد المنافسة وارتفاع عدد المنافسين تنخفض آفاق الأرباح والنمو، وهنا يضيق الخناق على الشركات ويُهزم بعضها لصالح البعض الآخر، ومن هنا جاء اسم "أحمر" إشارة إلى دموية الصراع.

لكن على النقيض من ذلك، فهناك رواد أعمال مغامرون يتبنون استراتيجية مغايرة، وهي "المحيط الأزرق"، والتي يسعون فيها لفتح أسواق جديدة لا منافسة فيها، وبقول آخر، هم يبحثون عن جبل الذهب الذين يكونون هم أول من يطؤه.


مفهوم المحيط الأزرق
 
- "المحيط الأزرق"، هي نظرية وعنوان لكتاب نُشر عام 2005، من صياغة أستاذَيْ الإدارة لدى كلية "إنسياد"، "تشان كيم" و"رينيه موبورن"، اللذين يؤكدان أن تبني هذه الاستراتيجية يحقق نموًا هائلًا في القيمة بالنسبة إلى الشركة ومشغليها وموظفيها.
 
- يُقدم الكتاب أطرًا وأدوات تحليلية لتعزيز قدرة المؤسسات على إنشاء المحيطات الزرقاء الجديدة والبحث عنها واستكشافها بشكل منظم، لكن ما هي المحيطات الزرقاء تلك وكيف تضمن آفاقاً واعدة للشركات؟
 
- وفقًا للموقع الرسمي للكتاب، فإن المحيط الأزرق على النقيض من نظيره الأحمر، يقصد به كل الصناعات غير القائمة في الوقت الحالي، والتي تشكل مساحة سوقية غير مستغلة أو معروفة من الأساس، وبطبيعة الحال هي غير ملوثة بالمنافسة.
 
- في المحيطات الزرقاء، يتم خلق الطلب بدلًا من الصراع لأجله، وتكون فرصة النمو والربح كبيرة وسريعة، ولا تحمل الشركات عبء المنافسة لأنها غير موجودة ولأن السوق بانتظار وضع القواعد التي ستسير الأمور وفقًا لها.


 
- اسم "الأزرق" هو تشبيه يصف الإمكانات الأوسع والأعمق في سوق متسع لم يتم استكشافه بعد، وربما ينطوي ذلك على السعي للتميز عبر خفض التكلفة لفتح المجالات الجديدة وخلق طلب جديد.
 
- يقول الكتاب، إنه يمكن للمنظمات باستخدام الأدوات والأطر التحليلية التي نصت عليها النظرية، إعادة رسم حدود الصناعة الجديدة لصالحها لتترك المنافسة في الأسواق التقليدية خلف ظهرها.

الانقلاب على المفاهيم القديمة
 
- في الكتاب، يقول المؤلفان إن نظرية "استراتيجية المحيط الأزرق" تستهدف الشركات التي تكافح للحصول على حصة في السوق، وعلى وجه التحديد تلك التي تلقى منافسة شديدة مع لاعبين رئيسيين أقوياء، وقد تصبح ضرورة عندما يتجاوز العرض الطلب في السوق.
 
- بحسب موقع "بزنس نيوز دايلي"، فإن كتاب "استراتيجية المحيط الأزرق: كيفية إنشاء مساحة سوقية لا نزاع عليها وجعل المنافسة عديمة الأهمية"، أحدث ثورة في عالم الأعمال عند إطلاقه، لتشجيع الشركات على التحول بعيدًا عن الأسواق التقليدية المحمومة بالمنافسة.


 
- هاجم "كيم" و"رينيه" الإطار التحليلي المعروف بـ"القوى التنافسية الخامسة لمايكل بورتر" (مع تجنب ذكر اسم الأستاذ بكلية هارفارد بشكل مباشر)، وهو نموذج يبحث في عوامل تساعد على تحديد ما إذا كان النشاط مربحًا أم لا وفقًا لشركات أخرى في نفس السوق.
 
- يقول المدافعون عن استراتيجية "كيم" و"رينيه"، إن هذا النهج يشجع على المنافسة بلا رحمة ويبقي الأنشطة التجارية ضمن نطاق المحيطات الحمراء، في حين أن مفتاح النجاح الاستثنائي هو إعادة تعريف شروط المنافسة والانتقال إلى المحيط الأزرق بهدف التخلص من المنافسة وليس من المنافسين.

أمثلة ناجحة طبقت استراتيجية المحيط الأزرق
الشركة
التفاصيل
سيرك دو سوليه

 -هي شركة ترفيه كندية بدأت أعمالها في ثمانينات القرن الماضي، لكنها امتلكت رؤية لما يجب أن يكون عليه السيرك الحديث، بعد حقبة طويلة تمحورت خلالها هذه الصناعة حول الأطفال، لكن تجربة "دو سوليه" كانت فريدة من نوعها في العالم.

- تضمنت العروض أعمالًا مذهلة لا تقدم في أي مكان آخر، مع فقرات خاصة بالأطفال، لكن سعر التذكرة المرتفع كثيرًا كان يعني أن الجمهور الأساسي المستهدف من البالغين.

- لم تحاول الشركة قط أن تقدم عروضًا تقليدية مثل فقرات الحيوانات والمهرجين، وكانت نموذجًا مثاليًا لاتباع استراتيجية المحيط الأزرق.
 
آي تيونز (آبل)

- عندما دخلت "آي تيونز" السوق، استطاعت حل مشكلة الصناعة المتمثلة في تحميل المستخدمين للموسيقى بطريقة غير مشروعة، تزامنًا مع معالجتها للطلب على الأغاني الرقمية.

- استراتيجية المحيط الأزرق، قادت "آي تيونز" إلى فئة جديدة من مبيعات الموسيقى التي ضمنت للفنانين الربح وللمستهلكين شراء أغانٍ فردية بدلًا من تحمل تكلفة الألبومات كاملة.

- هيمنت "آي تيونز" على هذا السوق لسنوات عديدة، بفضل نمو الطلب على الموسيقى الرقمية بعد ذلك.

  

نصائح للتحول
  
- مثل هذه التجارب الناجحة (وليست الأسواق المجزأة) كانت السبب الرئيسي لإلهام "كيم" و"رينيه" لتأليف كتابهما الذي بيعت منه ملايين النسخ، وتمت ترجمته إلى 44 لغة مختلفة بينها العربية، بحسب "فوربس".
 
- في كتابهما الأحدث الصادر في 2017 تحت عنوان "التحول إلى المحيط الأزرق: بعيدًا عن المنافسة - خطوات مثبتة لكسب الثقة وتحقيق نمو جديد"، استعرض الكاتبان مجموعة من التجارب الملهمة التي نجحت في إحداث هذا التحول.
 
- على سبيل المثال، استطاعت المجموعة الفرنسية "إس إي بي" التخلص من المنافسة الشرسة في سوق صانعات البطاطس المقلية، عبر توفيرها صانعة يمكنها العمل دون استهلاك كميات كبيرة من الزيت، ما يجعلها صحية وموفرة أكثر.


 
- منذ إطلاق كتابهما الأول، خلص المؤلفان إلى وجود 3 مكونات رئيسية للتحول الناجح إلى المحيطات الزرقاء، وهي تغيير طريقة التفكير لإدراك أين تكمن الفرص، واستخدام أدوات عملية لاستحداث عروض جذابة تجاريًا، وحضور اللمسة الإنسانية.
 
- يوجه الأستاذان 5 نصائح لنجاح عملية التحول، وهي اختيار المكان المناسب لبناء الفريق، واستيضاح الأمور بشأن قواعد اللعب في السوق، والكشف عن نقاط الضعف التي تحد من حجم الصناعة مع البحث عن محيط بلا عملاء.
 
- رابعًا، إعادة بناء حدود السوق الجديد بشكل منهجي وتطوير فرص بديلة، وأخيرًا، اختيار الخطوات الصحيحة وإجراء اختبارات السوق السريعة قبل بدء التحول إلى محيط جديد يتسم بالصفاء ووضوح الرؤية بعيدًا عن صخب المنافسة التي تصبح جارحة في كثير من الأحيان.

عمولات التأمين لكل نوع مصر 2018 م




السبت، 20 أبريل 2019

دراسة عن احتياجات سوق العمل المصري من المهن الطبية خلال خمس سنوات من 2020 وحتي 2025 م




قصة نجاح مؤسس موقع بنترست وحصوله على مليار دولار



"الأفكار كنوز".. عبارة صادقة تعكس ما يمكن لأي فكرة مهما كانت بسيطة أن تساويها إذا تحلى صاحبها بالإيمان والإصرار على المواصلة، ولعل في تجارب النجاح العديدة بقطاع التكنولوجيا نماذج كافية تؤكد صدق هاتين الكلمتين.


ورغم كثرة التجارب الناجحة، لا يبدو أن السوق في طريقه للتشبع بمثل هذه الأعمال، فأحد أحدث هذه النماذج هو شبكة التواصل الاجتماعي التي تعتمد على الصور "بينترست"، والتي نجحت في مواصلة طريقها رغم اشتداد المنافسة في الفضاء السيبراني.

"بينترست" هي وليدة أفكار طالب بكلية العلوم السياسية لم يكن ملمًا بأي شيء حول طبيعة أعمال التكنولوجيا والإنترنت، واستطاعت جمع ما يزيد على مليار دولار لتسجل قيمة سوقية تتجاوز 12 مليار دولار، رغم المنافسة الشديدة مع "إنستجرام" المملوك لعملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

اليأس من "جوجل"

- الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة هو "بن سيلبرمان"، من مواليد يوليو 1982 في دي موين، آيوا، لأبوين يعملان كطبيبي عيون، والتحق بمعهد علوم الأبحاث التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قبل التخرج في جامعة يل عام 2003 حاصلًا على ليسانس العلوم السياسية.

- خلال دراسته الجامعية كان "سيلبرمان" محظوظًا بما يكفي ليبقى على قيد الحياة بعد عملية زراعة قلب، بحسب موقع "ساكسِس ستوري"، لكن نجاح الجراحة لم يكن نهاية نصيبه من الحظ، فالالتفات إلى القطاع التكنولوجي كان قرارًا حكيمًا للغاية أيضًا.

- طوال الوقت كان يفكر "سيلبرمان" في إنشاء شركته الخاصة، وقرأ كثيرًا عن التطورات في عالم الإنترنت والابتكارات التي أدت إلى ظهور "ريديت" و"فيسبوك" و"تويتر"، وخلص في قرارة نفسه إلى اعتبار الإنترنت الابتكار الأساسي لعصره، بحسب "يو إس إيه توداي".


- عقب تخرجه، عمل "سيلبرمان" لدى شركة للاستشارات قبل الالتحاق بـ"جوجل" عام 2006، وبدأ مشواره معها كمصمم جرافيك، وخلال هذه الفترة اطلع على أساليب وطرق تحويل الأفكار إلى إنجازات كبيرة، وقدم الكثير من المنتجات والأفكار التي لم يؤخذ بها.

- شعر "سيلبرمان" بالتهميش والاختلاف كونه من خلفية غير هندسية، وبعد عامين على وجوده في الشركة، اتخذ قرارًا محوريًا بخصوص رحلته المهنية بتشجيع من الأصدقاء، حينما استقال من "جوجل" ليتبع حدسه الذي أخبره بأن عليه تجربة شيء جديد من صنع يديه.

مثابرة رغم الإخفاق

- بدأ "سيلبرمان" يتحدث للأصدقاء عن أفكاره، وبعد إتقانه تطوير تطبيقات نظام التشغيل "آي أو إس"، بدأ التعاون مع صديقه "باول سيارا" في برمجة منصات إلكترونية لجوالات "آيفون"، لكن جميع منتجاتهما فشلت، بحسب "إنسيت ساكسِس".

- في صغره أحب "سيلبرمان" جمع الأشياء مثل الفراشات والطوابع، ولعل ذلك ساهم إلى حد كبير في تشكيل فكرته الكبيرة التالية، وهي إنشاء لوحة ملحوظات إلكترونية، تمكن مستخدميها من الاحتفاظ بالصور والروابط.

- عند العمل على هذه الفكرة عام 2009، انضم للثنائي "سيلبرمان" و"سيارا" صديق آخر هو "إيفان شارب"، وفي مارس 2010 أُطلقت النسخة التجريبية من موقع "بينترست"، وحينها أرسل "سيلبرمان" بريدًا إلكترونيًا إلى 200 من أصدقائه لتجربة الشبكة الجديدة.


- استجاب 100 صديق للدعوة وقرروا تصفح "بينترست"، وبعد 9 أشهر بلغ عدد مستخدمي الشبكة 10 آلاف شخص فقط، ولم يكن جميعهم يستخدمونها  بشكل يومي، وبدت التجربة على وشك الفشل الذي لم يقبل "سيلبرمان" به على الإطلاق وأصر على المواصلة.

- حتى عام 2011، كان "سيلبرمان" وموظفوه يعملون داخل شقة صغيرة، لكن في الوقت ذاته، بدأت الأنظار تتجه نحو الشبكة التي انضمت إلى قائمة أفضل 10 مواقع تواصل اجتماعي، مع تسجيلها 11 مليون زيارة أسبوعية، واختارها موقع "تك كرانش" كأفضل شركة ناشئة.

التكليل بالنجاح

- اعتبارًا من أبريل 2012، تخلت "بينترست" عن حقها في بيع محتوى المستخدم للتأكيد على خصوصيته، وكان ذلك بعدما وصلت قاعدة مستخدمي الشبكة 17 مليون شخص، وأصبحت في ذلك الوقت ثالث أكبر شبكة تواصل اجتماعي في أمريكا بعد "فيسبوك" و"تويتر".

- في ذلك الوقت استطاعت "بينترست" أيضًا توليد إيرادات لكل نقرة أكثر بنحو 400% من "تويتر" وبنحو 27% من "فيسبوك"، وكان أغلب المستخدمين من النساء، وتبين أن رُبع الشركات المدرجة بقائمة "فورتشن جلوبال 100" تستخدم الشبكة، وفقًا لـ"فاند أبُل".

- يبلغ عدد رواد الشبكة حاليًا أكثر من 250 مليون مستخدم نشط شهريًا، وتشتهر بألبومات الصور التي ينشرها المستخدمون سواء لأشخاصهم أو للوصفات الغذائية أو الأزياء وغيرها من المنتجات والمحتويات المرئية.


- مؤخرًا جمعت الشركة 1.5 مليار دولار عبر طرح أسهمها للاكتتاب العام عند 19 دولارًا للسهم، والذي بفضله بلغت القيمة السوقية للشركة 12.6 مليار دولار(حصة "سيلبرمان" وحده تقترب من مليار دولار).

- تقترب الشركة من الربحية، حيث انخفض صافي الخسارة التشغيلية بعد خصم الضرائب إلى 63 مليون دولار في 2018، من 126 مليون دولار في 2017، ونمت إيراداتها بنسبة 60% مقارنة بـ43 مليون لـ"سناب" و25% لـ"تويتر"، كما ارتفع عدد مستخدميها 23%.