استراتيجيات تسعير الخدمات الصحية بين النظرية والتطبيق المقال
الثالث
إنه لمن دواعي سروي أن تجد مقالاتي السابقة
من هذه السلسلة كل هذا التفاعل والنقاش بين الزميلات والزملاء المهتمين بالرعاية
الصحية ليس في مصر وحدها ولكن على امتداد العالم العربي من المحيط إلى الخليج فقد
وصلتني رسائل مشجعة تحثني على الاستمرار في تقديم هذه الخماسية والتطرق إلى
الأمثلة العملية وتجارب الدول العربية والغربية وخصوصا التسعير باستخدام المجموعات التشخيصية المرتبطة أو المجموعات التي تستخدم تقريبا نفس الموارد ومؤشر تجمعات
الحالات الخاصة بالمستشفي و استخدام طريقة
الباكدج أو الصفقة الشاملة في الإجراءات الجراحية بأنواعها وحالات التنويم الممتد وتأثير
التحول إلى حالات جراحات اليوم الواحد على تسعير الخدمات الصحية والتكاليف الثابتة والمتغيرة للإجراءات الجراحية وتصنيف العمليات الجراحية وإن شاء الله سنتتطرق إلى هذه
النقاط تباعا
وكما سبق وذكرنا في مقدمة المقال أنه في إطار الحديث عن تسعير الخدمات
الصحية سنقسم الموضوع إلى خمس عناويين كبيرة سنتناول كل منها في مقال منفصل عبارة
عن 1000 كلمة تزيد أو تقل
هذه العناوين الخمسة هي :
1-مفهوم تسعير الخدمات الصحية
2-أهمية السعر في المزيج التسويقي
3-استراتيجيات تسعير الخدمات الصحية
4-العوامل المؤثرة على استراتيجيات التسعير
5- تسعير الخدمات الجديدة
وقد تحدثنا في المقال الأول عن : مفهوم تسعير الخدمات الصحية
وفي
المقال الثاني تحدثنا عن :أهمية و أهـداف التسعـير هي :
1- تحقيق معدل عائد معين على الاستثمار
2- المحافظة أو تحسين الحصة السوقية .
3- استقرار الأسعار ) هدف سعري في فترة
محدودة ( .
4- تعظيم الأربـاح .
واليوم نواصل الخماسية بالحديث عن استراتيجيات تسعير الخدمات الصحية
إن استراتيجيات تسعير الخدمات الصحية سلاح ذو حدين، حد يمكن أن يحقق للمنظمة الصحية البقاء و الإستمرار وحدآخر يمكن أن يفشل جميع أنشطة المنظمة ويخرجها من السوق
ولذلك يجب أن تتحدد هذه الإستراتيجيات استنادا إلى الأهداف الممكن تحقيقها في بيئة تنافسية وفي
حدود القدرة الشرائية للمستفيدين من هذه الخدمات
الصحية
تعريف
القدرة الشرائية : تلك القدرة من جانب المستهلكين على
القيام بشراء الخدمات أو السلع ، وذلك ضمن أسعارها المرتبطة بها ،
عناصر القدرة الشرائية :- تتكون القدرة الشرائية من مجموعة من تلك العناصر الرئيسية لها
وهي :-
أولاً :- دخول الأفراد (
المواطنين ) :- وهو ذلك العنصر الرئيسي والمتحكم في القوة الشرائية الخاصة بالسوق
الداخلي أي المحلي فكلما كان دخول الأفراد به مرتفعاً تمكنوا بناءا على ذلك من
القيام بشراء سلع أو منتجات أو خدمات أكثر والعكس الصحيح علاوة على أن كانت السلعة
أو الخدمة أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها من جانب المستهلكين أو حتى القيام
باستبدالها بسلعة أخرى بديلة ساهم ذلك بشكل عالي في التأثير على الدخل علاوة على
القدرة الشرائية الخاصة بالأفراد .
ثانياً :- السوق الداخلي أو المحلي :– وهو ما يعرف بالمكان الحقيقي أو الافتراضي الذي يوجد فيه مجموعة من
الأفراد أو ( التجار أصحاب المهن أو الشركات ) ، ومجموعة من ( المستهلكين ،
وكل منهم يؤثر بشكل مباشر في القدرة الشرائية ، وذلك بالاعتماد على طبيعة المنتجات
والخدمات الموجودة ، وكيفية تعامل المستهلكين معها أي من خلال درجة إقبالهم على
شرائها .
ثالثا
: تغير أسلوب
الشراء :- وهو المقصود به ذلك التغيير الحادث من قبل المستهلكين في درجة
إقبالهم على شراء منتج أو سلعة أو خدمة ما مما سيتسبب في حدوث الضرر والأثر السلبي
على أولئك التجار المسئولين عنها ويضعف من القدرة الشرائية في داخل السوق المحلي
هذا علاوة على تراكمها في المخازن وفقد قيمتها السوقية ، وانتهاء صلاحيتها .
فقرارات التسعير المتخذة في المنظمات الصحية الهادفة لتحقيق الربح، مثل
المستشفيات الخاصة السلام الدولي أو دار الفؤاد وغيرها تختلف كليا عن ممارسة
التسعير في
المنظماتالصحية الغير هادفة لتحقيق الربح
مثل مستشفي مجدي يعقوب أو مستشفي 57357 أو مستشفي بهية أو غيرها فهذه
الأخيرة تحدد أسعارها من خلال تقدير التكاليف
الكلية مضافا
إليها حد ربحي مرغوب ثم مراعاة مبادئ السوق للوصول إلى سعر يعرف بالفائض
وعلى العكس من ذلك فإن المنظمات الصحية الهادفة للربح تؤكد على
أن التسعير يجب أن يستند إلى 6 عناصر يمكن استباطها من
أبحاث سوق الرعاية الصحية 1-معرفة تكلفة الخدمة المعنية 2- معرفة حجم الطلب مثل العمليات القيصرية وعمليات استئصال اللوزتين
3- معرفة مدى رغبة الزبائن في الخدمة مثل عمليات التجميل للأنف أو الثدي 4-قدرة المستهلكين على الدفع(القدرة الشرائية) 5- قابلية استجابة المنافسين.6- تصنيف الخدمة ضرورية وملحة بمعني وجود حاجة طبية ملحة مثل
الولادات أم يمكن جدولتها مثل عمليات التجميل الاختيارية
ننتقل الآن للحديث عن استراتيجيات التسعير الأساسية أو الكلاسيكية وهذه الاستراتيجيات تقسم
إلى:
أولا : التسعير على أساس التكلفة:
يتم تحديد السعر وفق هذه الطريقة على أساس احتساب جميع التكاليف و تحديد الأرباح كنسب
معينة من
مجموع هذه التكاليف.
و
أن التسعير على أساس التكلفة مستعمل بصورة واسعةلأنها
طريقة بسيطة ومباشرة.
السعر = تكاليف اجمالية كلية
+هامش ربح
لكن
المشكلة فيها أن وضع
الأسعار على أساس التكلفة الكلية يعتبر استعادة للتكاليف السابقة لا التكاليف المستقبلية .وعلى
العموم ما يحيط التكاليف من عدم التيقن أقل مما يحيط حجم
الطلب على الخدمة،
ولذلك فإن اعتماد التسعيرعلى أساس التكلفة يمكن أن يكون بسيطا إلى حد كبير ولا توجد حاجة لإجراء تعديلات متكررة عند تغير
ظروف الطلب على
الخدمة
ومن مزايا هذه الطريقة تتمثل في أنها تجعل مقايضة الخدمات أمرا منصفا، من خلال كونها
عادلة بالنسبة
للمنظمة الصحية ولا تتطلب فائدة مالية من المريض.
ومع ذلك فإن لها محدودية، إذ ليس لكل أنواع التكاليف نفس التأثير في زيادة أو نقصان
المخرجات.مثل الأدوية يكون هامش ربحها عادة أقل من هامش الربح
في الأشعة التشخيصية والتحاليل الطبية
ثانيا : التسعير على أساس الطلب .
يهتم التسعير على أساس حجم
الطلبعلى الخدمة الصحية بالتركيز على تأثير حالة الطلب بصورة أكبر من تأثير مستوى
التكاليف في
تحديد الأسعار، بحيث يتضمن الموازنة بين هذه الأخيرة والتكاليف من أجل تحديد أفضل لسعرالوحدة مع تحقيق هدف المنظمة في تعظيم الأرباح.
فكلما زاد حجم الطلب اتجهت الأسعار نحو
الإرتفاع.سواء كان هذا الطلب موسمي أو لفترة مؤقتة أو مستمر
ثالثا :التسعير على أساس المنافسة :
إن الصفة المميزة هي أن المنظمة
الصحية لا تبحث عن إدامة علاقة متينة بين سعرها وكلفتها أوطلبها، فالتكلفة أوالطلب قد يتغيران إلا أن المنظمةالصحية
تحافظ على سعرها لأن المنافسين يحافظون على أسعارهم وعلى العكس من ذلك، تغير المنظمة سعرها عندما يغير المنافسون أسعارهم وإن لم تتبدل
تكلفتها أوحجم
الطلب عليها وبصفة عامة فإن طرق التغيير على أساس المنافسة هي:
السعر السائد: معناه
أن المنظمة تحاول في ظله أن تُبقي سعرها على مستوى معدل ما تفرضه المنافسة.
السعر المرجعي: وهو
السعر القياسي الذي يقوم المستهلكون إزاءه أسعار الخدمات التي يهتمون بها.
ويستخدم في دراسة إستجابة المستهلكين للتغير في الأسعار كعامل أساسي والتي تتضمن مقارنة بمقياسين:
- سعر مرجعي مقارن.
- سعر مرجعي زماني.
بحيث أن السعر المرجعي المقارن يفترض أن المستهلكين يقومون الأسعار بالمقارنة مع أسعار
الخدمات الأخري،مثل المقارنة بين استئصال الرحم والولادة القيصرية
والمقارنة بين استئصال اللوزتين واستئصال اللحمية
أما السعر المرجعي الزماني فإنه يفترض أن المستهلكين يعقدون مقارنة بين
الأسعار الحالية
والأسعار السابقة لنفس المنتجات.مثل
سعر القيصرية من خمس سنوات وسعرها الآن
لذلك لا يستخدم السعر كمؤشر للنوعية ما لم يكن هناك اختلاف عن السعر المرجعي يدركه
المشتري، ويعمل
كمؤشر لتقدير السعر.
فالزبائن يقومون الأسعار على أساس تنافسي وتقديري فقبولهم لسعر ما لابد أن يقارن أولا بسعر آخر.
ولتقدير أسعار واقعية قد يلجأ الزبائن –المرضى- لاستخدام نقطة مرجعية تتمثل في:
- مدى الأسعار المدفوعة أخيرا .
- سعر السوق الحالي .
- ما يعتقدون أنه سعر عادل أو متوقع يمكن دفعه .
خذ مثلا عملية
تكميم المعدة يسأل المريض عن سعر العملية تقريبا في أكثر من 10 أماكن وفي مدن
مختلفة من القاهرة إلى الأسكندرية والمنصورة والزقازيق وطنطا وطبعا يكون بجانب
السعر خبرة الأصدقاء والمقربين في استعمال الخدمة
المنافسة بين مقدمي الخدمات الصحية
في عصر الإنترنت
ظهور الصحة الإلكترونية و يقصد به استغلال القطاع الصحي لتكنولوجيا الاتصال
والمعلومات ضمن العالم الرقمي بتطبيقات كثيرة.
ومن أبرز تطبيقاتها خدمة
السجل الطبي الإلكتروني الموحد الذي يحتوي على المعلومات والبيانات الطبية الخاصة
بكل مريض وإتاحة نقل هذه المعلومات الكترونياً ولحظيا عن طريق شبكات البيانات بين
المرافق الطبية المختلفة. كما يشمل المفهوم نشر وتبادل المعلومات الطبية بين مختصي
الميدان وإجراء العمليات الجراحية والرعاية الصحية عن بعد وهذا ما نسميه بالطب
الاتصالي او التطبيب عن بعد وكذلك تقنيات التصوير الاشعاعي والرقمي. وذلك لأغراض
قد تكون إكلينيكية، إدارية ، او حتى تعليمية تثقيفية اذا تعلق الامر بنشر الوعي
الصحي.
كل هذه
الإيجابيات للصحة الإلكترونية من المفترض أن تقلل من التكاليف وبالتالي تقلل السعر
لكن مع تطور التكنولوجيا الطبية والتدريب عليها تؤدي إلى زيادة التكاليف وبالتالي
زيادة السعر فهي سلاح ذو حدين لكن لا مفر من استخدامه
كلمة أخيرة
توجد تقسيمات أخري لاستراتيجيات التسعير حسب دورة حياة المنتج أو حسب طيعة السوق
والمنافسة وحسب قدرة العميل ونفسية كما توجد تقسيمة أخري لاستراتيجيات التسعير
مكونة من عشر استراتيجيات لكن ليس كل استراتيجيات التسعير يمكن تطبيقها في تسعير
الخدمات الصحية ومع ذلك لا نستبعد في أي وقت استخدام أي استراتيجية نظرا لتغيير
الظروف وتنوع الخدمات الصحية سواء الأساسية أو التكميلية كذلك تؤثر القوانين والتشريعات الحكومية بشكل كبير على اختيار
المستشفى للاستراتيجيات التسويقية التي من الممكن اعتمادها
وللمزيد من التفاصل في هذا الموضوع أنصح بقراءة الكتب التالية:
كتاب “the strategy and tactics
of pricing ” توماس ناجل و رييد هولدن
يوجز تسعة قوانين او عوامل تؤثر على كيفية نظر المستهلك لأي سعر و مقدار حساسيتهم
لقرارات الشراء المختلفة. نشرتها على مدونتي
كتاب تسويق الخدمات وتطبيقاته -
زكي خليل المساعد
كتاب "مبادئ تسويق الخدمات" للكاتب أدريان بالمر، وترجمة بهاء شاهين
كتاب تسويق الخدمات هاني حامد
الضمور
كتاب تسويق الخدمات الصحية
نجاة العامري
كتاب تسويق الخدمات الصحية ثامر
البكري نشرت ملخص له على مدونتي
كان هذا هو مقالنا الثالث من سلسلة مكونة من 5 مقالات عن استراتيجيات تسعير الخدمات الصحية تحدثنا
فيه بشئ من التفصيل عن العنوان الثالث وإن شاء الله في المقال القادم سنتحدث عن
العنوان الرابع : العوامل المؤثرة على
استراتيجيات التسعير
فضلا من لديه تعليق أو ملاحظات أو نقد على مقالي
فليتواصل معي فالمرء قليل بنفسه كثير بزملائه وكما قال الفاروق رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي والمرء يتعلم كل يوم
جديد ويكتسب خبرة من الجميع
نلقاكم على خير مع تحياتي وتقديري د.صديق الحكيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق