"الأفكار كنوز".. عبارة صادقة تعكس ما يمكن لأي فكرة مهما كانت بسيطة أن تساويها إذا تحلى صاحبها بالإيمان والإصرار على المواصلة، ولعل في تجارب النجاح العديدة بقطاع التكنولوجيا نماذج كافية تؤكد صدق هاتين الكلمتين.
ورغم كثرة التجارب الناجحة، لا يبدو أن السوق في طريقه للتشبع بمثل هذه الأعمال، فأحد أحدث هذه النماذج هو شبكة التواصل الاجتماعي التي تعتمد على الصور "بينترست"، والتي نجحت في مواصلة طريقها رغم اشتداد المنافسة في الفضاء السيبراني.
"بينترست" هي وليدة أفكار طالب بكلية العلوم السياسية لم يكن ملمًا بأي شيء حول طبيعة أعمال التكنولوجيا والإنترنت، واستطاعت جمع ما يزيد على مليار دولار لتسجل قيمة سوقية تتجاوز 12 مليار دولار، رغم المنافسة الشديدة مع "إنستجرام" المملوك لعملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
اليأس من "جوجل"
- الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للشركة هو "بن سيلبرمان"، من مواليد يوليو 1982 في دي موين، آيوا، لأبوين يعملان كطبيبي عيون، والتحق بمعهد علوم الأبحاث التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قبل التخرج في جامعة يل عام 2003 حاصلًا على ليسانس العلوم السياسية.
- خلال دراسته الجامعية كان "سيلبرمان" محظوظًا بما يكفي ليبقى على قيد الحياة بعد عملية زراعة قلب، بحسب موقع "ساكسِس ستوري"، لكن نجاح الجراحة لم يكن نهاية نصيبه من الحظ، فالالتفات إلى القطاع التكنولوجي كان قرارًا حكيمًا للغاية أيضًا.
- طوال الوقت كان يفكر "سيلبرمان" في إنشاء شركته الخاصة، وقرأ كثيرًا عن التطورات في عالم الإنترنت والابتكارات التي أدت إلى ظهور "ريديت" و"فيسبوك" و"تويتر"، وخلص في قرارة نفسه إلى اعتبار الإنترنت الابتكار الأساسي لعصره، بحسب "يو إس إيه توداي".
- عقب تخرجه، عمل "سيلبرمان" لدى شركة للاستشارات قبل الالتحاق بـ"جوجل" عام 2006، وبدأ مشواره معها كمصمم جرافيك، وخلال هذه الفترة اطلع على أساليب وطرق تحويل الأفكار إلى إنجازات كبيرة، وقدم الكثير من المنتجات والأفكار التي لم يؤخذ بها.
- شعر "سيلبرمان" بالتهميش والاختلاف كونه من خلفية غير هندسية، وبعد عامين على وجوده في الشركة، اتخذ قرارًا محوريًا بخصوص رحلته المهنية بتشجيع من الأصدقاء، حينما استقال من "جوجل" ليتبع حدسه الذي أخبره بأن عليه تجربة شيء جديد من صنع يديه.
مثابرة رغم الإخفاق
- بدأ "سيلبرمان" يتحدث للأصدقاء عن أفكاره، وبعد إتقانه تطوير تطبيقات نظام التشغيل "آي أو إس"، بدأ التعاون مع صديقه "باول سيارا" في برمجة منصات إلكترونية لجوالات "آيفون"، لكن جميع منتجاتهما فشلت، بحسب "إنسيت ساكسِس".
- في صغره أحب "سيلبرمان" جمع الأشياء مثل الفراشات والطوابع، ولعل ذلك ساهم إلى حد كبير في تشكيل فكرته الكبيرة التالية، وهي إنشاء لوحة ملحوظات إلكترونية، تمكن مستخدميها من الاحتفاظ بالصور والروابط.
- عند العمل على هذه الفكرة عام 2009، انضم للثنائي "سيلبرمان" و"سيارا" صديق آخر هو "إيفان شارب"، وفي مارس 2010 أُطلقت النسخة التجريبية من موقع "بينترست"، وحينها أرسل "سيلبرمان" بريدًا إلكترونيًا إلى 200 من أصدقائه لتجربة الشبكة الجديدة.
- استجاب 100 صديق للدعوة وقرروا تصفح "بينترست"، وبعد 9 أشهر بلغ عدد مستخدمي الشبكة 10 آلاف شخص فقط، ولم يكن جميعهم يستخدمونها بشكل يومي، وبدت التجربة على وشك الفشل الذي لم يقبل "سيلبرمان" به على الإطلاق وأصر على المواصلة.
- حتى عام 2011، كان "سيلبرمان" وموظفوه يعملون داخل شقة صغيرة، لكن في الوقت ذاته، بدأت الأنظار تتجه نحو الشبكة التي انضمت إلى قائمة أفضل 10 مواقع تواصل اجتماعي، مع تسجيلها 11 مليون زيارة أسبوعية، واختارها موقع "تك كرانش" كأفضل شركة ناشئة.
التكليل بالنجاح
- اعتبارًا من أبريل 2012، تخلت "بينترست" عن حقها في بيع محتوى المستخدم للتأكيد على خصوصيته، وكان ذلك بعدما وصلت قاعدة مستخدمي الشبكة 17 مليون شخص، وأصبحت في ذلك الوقت ثالث أكبر شبكة تواصل اجتماعي في أمريكا بعد "فيسبوك" و"تويتر".
- في ذلك الوقت استطاعت "بينترست" أيضًا توليد إيرادات لكل نقرة أكثر بنحو 400% من "تويتر" وبنحو 27% من "فيسبوك"، وكان أغلب المستخدمين من النساء، وتبين أن رُبع الشركات المدرجة بقائمة "فورتشن جلوبال 100" تستخدم الشبكة، وفقًا لـ"فاند أبُل".
- يبلغ عدد رواد الشبكة حاليًا أكثر من 250 مليون مستخدم نشط شهريًا، وتشتهر بألبومات الصور التي ينشرها المستخدمون سواء لأشخاصهم أو للوصفات الغذائية أو الأزياء وغيرها من المنتجات والمحتويات المرئية.
- مؤخرًا جمعت الشركة 1.5 مليار دولار عبر طرح أسهمها للاكتتاب العام عند 19 دولارًا للسهم، والذي بفضله بلغت القيمة السوقية للشركة 12.6 مليار دولار(حصة "سيلبرمان" وحده تقترب من مليار دولار).
- تقترب الشركة من الربحية، حيث انخفض صافي الخسارة التشغيلية بعد خصم الضرائب إلى 63 مليون دولار في 2018، من 126 مليون دولار في 2017، ونمت إيراداتها بنسبة 60% مقارنة بـ43 مليون لـ"سناب" و25% لـ"تويتر"، كما ارتفع عدد مستخدميها 23%.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق