إلى الضمان الصحي!
بين فترة وأخرى ومع كل قرار جديد يخص التأمين الطبي، يثار لغط وجدل، حتى تقول وزارة الصحة كلمتها وكذا مجلس الضمان الصحي، لكن لا تتوقف المتاعب على أرض الواقع، ولنا في إيضاحات وزارة الصحة الدليل بشأن قرار (تفعيل) إلزام شركات التأمين بعلاج إصابات الحوادث المرورية سواء في المستشفيات الحكومية أو الأهلية.
القرار حسب نصوص التأمين ليس جديدا، ولا ندري لماذا تركوا هذا الأمر دون تطبيق حتى نامت عنه شركات التأمين وشبعت نوما، وظلت الدولة تتحمل مليارات الريالات لعلاج الإصابات. والوزارة هي التي تفسر ذلك.
الحالة الثانية هي سوق التأمين الطبي لمنسوبي القطاع الخاص، والذي عانى من مظاهر انتهازية وتلاعب من البعض، ما بين تصاعد تكلفة التأمين، وبين تأمين وهمي (كوبري) مقابل مئات الريالات على المشترك لاستكمال معاملات، دون استفادته ولو بقرص للصداع أو خافض حرارة، وانتشار مكاتب خدمات عامة تعرف هذا الشيء، وهؤلاء يأكلون السحت.
حاليا عولجت مشكلات عديدة، لكن للأسف عند الاختبار يُكرم المريض بالعلاج أو يهان برفض تغطية العلاج وعذابات الرفض لوسائل تشخيص أو علاج حالات خارج مستوى التأمين، لأن بنودا كثيرة لا يعلم عنها المشترك في التأمين وليس أمامه إلا صبر أيوب على الألم والاحتساب عند رفض التأمين.
هذا يقودنا إلى قناع آخر للانتهازية والتلاعب، أحيله إلى مجلس الضمان الصحي الموقر، ويستوجب المحاسبة، والواقع يقول إن بعض مؤسسات القطاع الخاص تضع موظفيها في حال لا يحسدون عليه مع وجه قبيح للظلم تجاه عاملين خارج حساب الآدمية، عندما تصبح الرعاية الطبية بالتأمين على هؤلاء التعساء مجرد تغطية بند التأمين الإجباري لتلتزم شكلا وتخالف مضمونا.
أما الحكاية فهي ابتكار بعض المؤسسات والشركات المتلاعبة بأفرادها، لعبة جديدة بأن تغطي التأمين للموظف وأسرته، يعني هي نظامية مائة في المائة مع التعليمات وشركة التأمين، لكنها تستخدم أبوابا خلفية مع الموظف، حيث تتحمل المؤسسة اشتراك الموظف وعدد محدد من أسرته (فردا أو اثنين) وعلى المساكين أن يسددوا لجهة عملهم من رواتبهم أو مستحقاتهم قيمة ما دفعته عن بقية أبنائهم الذين جعلتهم خارج (نعمتها) أي استضعفتهم دون أن تدري الجهات الرسمية المعنية بأمرها، باعتبار أن الذي يهمها اشتراك التأمين.
إذا كانت أنظمة وتعليمات الضمان الصحي واضحة بإلزام المؤسسات بتغطية التأمين للموظف مواطنا ومقيما وجميع أفراد أسرته التابعين له نظاميا، فكيف تخالف تلك المؤسسات ذلك بهذا التحايل وتذبح في أرزاق موظفيها رغما عن الأنظمة والمسؤولية ولا نقول الضمير.
أضع الأمر تحت أنظار مجلس الضمان الصحي لحالة حاضرة قد لا تجد أو لا تعرف طريقها للشكوى، فإذا كانت الغاية من التأمين تحقيق مظلة حضارية إنسانية، فهل يتم ردع هؤلاء؟ وإذا كان الهدف هو الرعاية الطبية كحق، فلماذا لا تصل ثقافة الحقوق إلى الضعفاء وإعادة الغائب منها، ومعاقبة ضعاف النفوس ممن يتعاملون مع التعليمات بالخداع ويفرغونها من مقاصدها، وهم في مأمن من المحاسبة والعقوبة بأكل حقوق أصيلة شرعتها الدولة حرصا على المواطن والمقيم، هؤلاء لا يخشون الله في حساباتهم، ويسيئون دون تقدير لحقوق العباد وصورة البلاد، عندما لا يرون في الموظف والعامل إلا ترسا في آلة، مع أن الآلة تحتاج لرعاية وصيانة لتعطي، والإنسان أولى وأحق بجوهر الرعاية الحقيقية والتزام هؤلاء يا حقوق الإنسان ويا مجلس الضمان الصحي، وفقكم الله وأعانكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق