شركات التأمين والاندماج الأفقي
صحيفة اليوم السعودية
الأربعاء 05 جمادى الثاني 1439 هـ الموافق 21 فبراير 2018 العدد 16322
كان قطاع التأمين السعودي من أهم القطاعات الاقتصادية التي برزت في مفاوضات اتفاقيات منظمة التجارة العالمية بين الطرفين السعودي والأمريكي، وذلك لتلبية متطلبات انضمام المملكة لعضوية المنظمة في 11 ديسمبر 2005. وكانت شركات التأمين الأمريكية حريصة على تحرير هذا القطاع الواعد في المملكة، ما دفع الجهات الحكومية المعنية للترخيص لشركات سعودية وأخرى أجنبية بشراكة سعودية برأس مال متواضع وخبرة ومعرفة ضعيفة وحوكمة غير مدروسة وبالتالي انعكس عليها سلبا.
واليوم، وبعد الترخيص لعدد كبير من شركات التأمين في المملكة لممارسة نشاطاتها تعاني غالبية هذه الشركات عدم تحقيق الربحية منذ تأسيسها وتدني الأداء العام وضعف الحوكمة والشفافية وتزايد الخسائر المتراكمة، خاصة في الشركات الصغيرة من حيث رأس المال والحصة في سوق التأمين. الكثير من شركات التأمين مهددة بالإفلاس، خاصة التي بلغت خسائرها 75% فأكثر من رأس المال. بدأت بعض هذه الشركات بداية قوية مثل شركة «ميدغلف» التي كانت ثاني أقوى شركات التأمين بعد «التعاونية للتأمين» ما ساعدها على توزيع الأرباح على المساهمين، لكنها اليوم تواجه خسائر عالية في السنوات الثلاث الأخيرة ما جعل مؤسسة النقد العربي السعودي تصدر أمرها بتجميد إصدار وثائق جديدة، وكذلك عدم السماح لها بتجديد الوثائق المنتهية؛ ما لم تعالج «ميدغلف» مشكلة رأس المال المتدني وإعادة انتخاب مجلس ادارة جديد قبل نهاية يوليو 2018م. وهذه خطوة طيبة من مؤسسة النقد تهدف للمحافظة على اموال المساهمين.
شركات التأمين بحاجة للخبرة والمعرفة ورأس المال القوي الذي يدعمها في مواجهة الأزمات الاقتصادية بقوة؛ لأن طبيعة نشاطاتها خدمية مالية، تتطلب المعرفة وقوة تدفقات مالية لمواجهة المطالبات، خاصة أن مفهوم التأمين عند شريحة كبيرة من المؤمنين غير ناضج فهم لا يكترثون كثيرا بالسلامة المرورية مما ساهم في ارتفاع عدد الحوادث وبالتالي تصاعد تكاليفها المادية. ولن يكون علاج مشكلة ضعف رأس المال الحل الأوحد بزيادته من خلال أحقية الاكتتاب ما دامت إداراتها تعاني مشاكل مهنية عديدة فقد زاد عدد منها رأس المال المستثمر، لكن لا تزال مشاكلها المالية قائمة لأن سوء أداء إدارة مجالس الإدارة والإدارة التنفيذية لم يتغير بما يتناسب مع الحوكمة الفاعلة للشركات.
الاندماج الأفقي بين شركات التأمين خيار إستراتيجي مناسب لمعالجة ضعف رأس المال ولتحسين أدائها وتحقيق الإيرادات والأرباح المناسبة لنموها وتوسعها الأفقي. وسيكون للاندماج بين شركات التأمين المرخصة والمدرجة في سوق الأسهم السعودية قوة تآزرية تزيد من إيراداتها وكفاءة أدائها وربحيتها وقوة منافستها بين الشركات الإقليمية والعالمية التي ترى في قطاع التأمين في المملكة فرصة استثمارية واعدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق