الأحد، 26 يونيو 2016

قصص من حياة مشاهير قراء القرآن الكريم

البنا - عبد الصمد - الشحات




كانت أحبالهم الصوتية أوتارًا تعزف على أسماع الناس نغمًا ينسدل إلى قلوبهم، فيُحيل قسوتها إلى لين وبورها خصوبة وأجاجها عذوبة، بأعذب كلمات عرفتها البشرية؛ آيات الله، تتلوها حناجر استكمل عليها الإله نعمته، ومنحها رنينًا سماويًا وإمكانيات فريدة، حفظت ذِكره وجعلت صداه يتردد في جميع أنحاء العالم.
بأذهان يقظة نستمع إلى هؤلاء القرّاء وهم يرتلون القرآن الكريم في الإذاعة المصرية، أو داخل سرادق عزاء لأحد كبار المسئولين، أو أمام ملوك ورؤساء الدول، يتعاظم الخلق وتختلف مراتبهم ويتوحدون في "السلطنة" على لآلئ أصواتهم. بالطبع حياتهم الشخصية مليئة بالمواقف والطقوس الدينية التي كانوا يحرصون على أدائها في رمضان والعيد، نتعرف على ذلك الجانب الإنساني في حياة أشهر مشايخ القرآن من خلال أبنائهم وأحفادهم.

محمود البنا
محمود البنا
محمود البنا

يقول الشيخ أحمد البنا إن  رمضان لم يكن يمر على والده القارئ الراحل محمود علي البنا، إلا وزار فيه قبر والديه، المدفونين في مسقط رأسه بقرية شبرا باص، مركز شبين الكوم، بمحافظة المنوفية، فكان يقضي بجوار قبرهما الساعات الطويلة، وأحيانا يبات الليل معهما، فقد كان يحبهما حبًا شديدًا وكانا هما يقابلانه نفس الحب، لدرجة أنهما كانا يمرضا طوال فترة سفره للخارج لإحياء ليالي رمضان، رغم أنه كان يخفي عنهما خبر سفره، إلا أنهما كانا يحسّان ذلك حينما يختفي صوته من على إذاعات القرأن الكريم لعدة أيام.

مصطفى إسماعيل
مصطفى إسماعيل
مصطفى إسماعيل

مصطفى وحيد، حفيد الشيخ القارئ مصطفى إسماعيل، يروي لنا أطرافًا من حياة جده، الذي شاء القدر أن يقضي آخر رمضان في حياته بين أسرته، وكان هذا نادرا ما يحدث، إذ أنه بحكم عمله كان يجول أرجاء دول العالم طوال شهر رمضان، كباقي كبار مشاهير القراء، فقد كان يطلبه أعضاء الجاليات الإسلامية من الأزهر بالاسم ليحيي ليالي الشهر الفضيل.
يضيف  مصطفى في تصريحات لـ"اليوم الجديد" أن جده كان طيب القلب كثير البكاء، خاصة إذا رأى مشهد محزن في الشارع، وهذا ما حدث حينما شاهد إحدى السيدات تتسول في نهار رمضان، وسط حر شديد لتطعم أطفالها الجياع، فانهمرت الدموع من عينيه تأثرا بهذا المشهد.
ويوضح مصطفى أن من عادات جده في رمضان، إذا كان يقضيه في قريته، أن يجتمع بأهالي القرية عقب صلاة التراويح، ويتحدث معهم عن مشاكلهم، ويساهم في حلها، فقد كان يحظى بجماهيرية شديدة داخل قريته.

الشحات أنور
الشحات أنور
الشحات أنور
وهناك أيضا القارئ الشيخ الشحات أنور-رحمه الله- الذي ذاع صيته داخل مصر وخارجها، فيقول نجله محمود إن والده له من المواقف الفريدة كثير، من بينها موقف شهير حدث عام 1996م، حينما كان يتلو الشيخ الشحات القرآن في رمضان بلوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، فأسلم على صوته قرابة الستين شخصًا من شدة حلاوته، مشيرًا إلى أنه شعر بنفسه بمدى شعبية والده وحب الناس له خارج مصر حينما كان يزور بلدان عربية وأجنبية.
وذكر محمود أن من عادات والده الثابتة في رمضان، هي إقامة موائد الإفطار أمام المنزل بقريته، كما اعتاد إقامة حلقات القرآن لأبناء القرية، ومع اقتراب العيد كان يذبح الذبائح لله ويحرص على ذلك في كل عيد.

عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
عبد الباسط

كان يهوى قضاء رمضان والعيد في مسقط رأسه بقرية المراعزة في محافظة قنا، كما كان مُحبًا للإسكندرية، يقضي جُل وقته بها، فترة تواجده في مصر.
ويقول نجل القارئ الراحل، الشيخ ياسر عبد الصمد، في تصريحات خاصة إن والده كان يخجل ممن يطلب منه المساعدة، فيسعى جاهدًا لتلبية مطلبه، مضيفًا أنه كان له عدة ألقاب منها "الحنجرة الذهبية" و"صوت مكة" لصوته البديع، إلا أنه كان هناك لقبًا لا يعجبه هو "براندي"، لأنه كان اسم لممثل أمريكي غير مسلم، وهو قارئ للقرآن فلم يحب إطلاق مثل هذا اللقب عليه، لكنه أُطلق عليه لأناقته في ملابسه.
يشير الشيخ ياسر إلى أن والده تعرض لعدة مواقف كانت سببًا في إثارة غضبه، ومنها أنه عندما زار دولة فرنسا لم يعتادوا فيها على لبس الزي الأزهري، بالتالي اضطر أن يلبس بدلة في باريس، كما ذكر أنه أثناء زيارته لدولة نيجيريا كان من المفترض أن يستقبله رئيس الدولة، لكن تأخر موعد وصول طائرته فلم يجد مَن يستقبله، فأخذ السيارة مع المرافق له، وتوجها إلى مكان الإقامة، وعندما علم الناس بوصوله ذهبوا للترحيب به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق