الاثنين، 27 يونيو 2016

ما مدي قانونية بروتوكول التعاون الذى أبرمه الاتحاد المصرى لشركات التأمين، والجمعية المصرية للرعاية الصحية؟






قال إبراهيم عبد الشهيد خبير التأمين الاستشارى والعضو المنتدب لشركة «تراست» لوساطة إعادة التأمين، إن بروتوكول التعاون الذى أبرمه الاتحاد المصرى لشركات التأمين، والجمعية المصرية للرعاية الصحية بمثابة “شرعنة” أو اضفاء للمشروعية عل المخالفات، مما دفع بعض الجهات ومنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إلى التدخل فى شئون صناعة التأمين من خلال إبداء ملاحظاته على البروتوكول .
ومن المعروف أن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية برئاسة منى الجرف، اعترض على بعض بنود البروتوكول المبرم بين اتحاد الشركات برئاسة عبدالرؤوف قطب، وجمعية شركات الرعاية الصحية برئاسة إيهاب أبو المجد، ومنها البند المرتبط بتقسيم السوق بين شركات التأمين وشركات الرعاية الطبية، بحيث تقوم شركات التأمين بإصدار وثائق التأمين الطبى والتعويض عنها، بينما تكتفى شركات الرعاية الصحية بإدارة البرامج الطبية دون إصدار الوثائق .
ويرى جهاز المنافسة، أن هذا البند يخالف أحكام المادة 6 «فقرة ب» من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ويؤدى إلى حرمان متلقى الخدمة من حقه الأصيل فى اختيار الشركة التى يرغب فى التعامل معها، على أسس السعر أو الجودة .
وأوضح «عبدالشهيد» أن الهيئة العامة للرقابة المالية هى الجهة المنوط بها الحفاظ على حقوق مستهلكى سلعة التأمين وليس أحد سواها، لافتا إلى أن التدخل فى شئون قطاع التأمين أصبح يستهوى العديد من الجهات دون هيئة الرقابة المالية، منذ حكومة أحمد نظيف، ومنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ومن قبله مصلحة الضرائب .
وشدد على ضرورة تحرك الهيئة العامة للرقابة المالية، بالتنسيق مع اتحاد شركات التأمين، واتخاذ موقف قوى وصارم أمام تلك التدخلات التى لا تحدث فى أى مكان فى العالم، لاسيما وأن قانون الإشراف والرقابة على التأمين رقم 10 لسنة 1981 وتعديلاته بالقانون 118 لسنة 2008 اختص هيئة الرقابة المالية باعتبارها الجهة الوحيدة المعنية بحماية حقوق حملة الوثائق .

وأضاف أن تدخل جهاز المنافسة أصبح متكررا إذ سبق وتدخل فى ملف التأمين على المشروعات القومية الكبرى، إضافة إلى اعتراضه على قرار الشركات بزيادة أسعار التأمين التكميلى على السيارات بنسبة %50 أو فرض نسبة تحمل على العميل من التعويض، لافتا إلى أنه قد يكون هناك قصور فى قطاع التأمين، إلا أن هذا ليس مبررا لأن تتخذ منها الجهات الرقابية – باستثناء هيئة الرقابة المالية – مدخلا لفرض سيطرتها على قطاع يتسم بالخصوصية الشديدة .
كان جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، قد اعترض قبل عامين على الاتفاقات المشتركة بين شركات تأمين الممتلكات لتقسيم العمليات الكبرى فيما بينها، خاصة فى التأمينات الهندسية فيما يعرف باسم توزيع الحصص أو اتفاقيات الحصص، معتبرا أنه يمثل مخالفة لقانون المنافسة واحتكارا للسوق، وهدد فى ذلك الوقت بإحالة شركات التأمين للنيابة العامة لولا تدخل الهيئة العامة للرقابة المالية، وإلزامها شركات التأمين بالتوقف عن هذا الأسلوب .
وتدخل جهاز المنافسة مرة أخرى نهاية 2014 فى قطاع التأمين بعد أن أبدى اعتراضه على قرار الاتحاد المصرى لشركات التأمين بزيادة أسعار التأمين التكميلى على السيارات بنسبة %50، فى حالة رفض العميل تحمل نسبة من التعويض تصل إلى %25، ورأى الجهاز أن القرار يمثل اتفاقا على العميل وهدد مجددا بإحالة الملف للنيابة، مما أجبر الشركات على التراجع عن القرار وإتاحة الحرية لكل شركة لاتخاذ التدابير الفنية التى تحميها من زيادة الخسائر فى هذا الفرع والتى ارتفعت فاتورتها بشكل مضطرد بعد ثورة 25 يناير 2011 .
فى سياق متصل، أوضح «عبدالشهيد» أن الدور المتعارف عليه لشركات الخدمات الطبية أو ما يطلق عليها شركات الـ «TPA Third Party Administrators» هو القيام بدور قسم تعويضات التأمين الطبى بشركة التأمين، ومن ثم فشركة التأمين تستطيع التعاقد مع شركة أو أكثر من شركات الخدمات الطبية، لإدارة ملف التعويضات الطبية لما تمتلكه هذه الشركات من خبرة، وكذا قدرتها على تحقيق قانون الأعداد الكبيرة .
أضاف أن الواقع فى مصر صار مختلفا بل مختلطا – على حد وصفه – بعد أن قامت شركات الخدمات بعملية التسويق نيابة عن شركات التأمين بل وإدارة الأخطار منفردة دون شركات التأمين والتعاقد مع العملاء لدفع التعويضات التى تقع مقابل الأقساط السنوية، مشيرا إلى أن تلك العقود – غير القانونية – المبرمة بين شركات الرعاية الصحية والعملاء نسخة طبق الأصل من وثائق التأمين دون أن تأتى على ذكر كلمة الوثيقة.. وتلك هى المشكلة !.
وأوضح أن شركات الخدمات الطبية تمارس التأمين دون ترخيص وطبقا لقانون الإشراف والرقابة على التأمين رقم 10 لسنة 1981 وتعديلاته لا يحق لأية هيئة أو مؤسسة أن تمارس أعمال التأمين دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، وهى الهيئة العامة للرقابة المالية، مشبها موقف شركات الرعاية الصحية بجمعيات حقوق الإنسان التى تقوم بالتسجيل فى الهيئة العامة للاستثمار بدلا من وزارة التضامن وترتكب العديد من المخالفات .
وقلل من أهمية بروتوكول التعاون بين جمعية شركات الرعاية الصحية واتحاد التأمين، مؤكدا أنه ليست له قيمة ولا إمكانية لتفعيله، مستشهدا بالعديد من الاتفاقات المماثلة – التى تسعى لضبط إيقاع السوق – لكنها لم تفعل على أرض الواقع وتحولت إلى ضجيج بلا طحين، ولاتتعدى خطاب نوايا غير ملزم لأى من الأطراف الموقعة عليه .

وشدد على ضرورة تحرك الهيئة لضبط إيقاع شركات الرعاية الصحية، وعدم انتظار اعتماد البرلمان لقانون التأمين الجديد- الذى تسمح مواده بإخضاع تلك الشركات لرقابة الهيئة – مؤكدا أن الهيئة تمتلك صلاحيات بموجب قانون التأمين الحالى، ومنها تحريك الدعاوى القضائية على شركات الرعاية الصحية لأنها تخالف القانون بل وسبق للهيئة أن اتخذت خطوات مماثلة قبل بضع سنوات، متسائلا عن عدم استخدام تلك الآداة حالية مما يطرح ألف علامة استفهام .
ورفض عبدالرؤوف قطب رئيس الاتحاد المصرى لشركات التأمين، التعقيب على بيان جهاز حماية المنافسة، مؤكدا أن الاتحاد سيسعى مع الجهات المعنية إلى حل الأزمة بمهنية – على حد وصفه – وبعيدا عن الإعلام خشية تأويل التصريحات بما يضر بالسوق .

وأشار – فى تصريحات سابقة لـ«المال» – إلى أن الاتحاد سيتعامل مع الأزمة بالشكل الملائم وبنفس الكيفية التى تعامل فيها مع أزمة تقسيم العمليات الكبرى بين شركات التأمين واعتراض جهاز المنافسة عليها .

وأكد الدكتور إيهاب أبو المجد رئيس الجمعية المصرية لشركات الرعاية الصحية، أن الجمعية ستعقد اجتماعا مع الاتحاد المصرى لشركات التأمين للرد على بيان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والذى اعتبر بعض بنود البروتوكول المبرم بين الجمعية والاتحاد مخالف للقانون .
وأشار إلى أن جهاز حماية المنافسة أساء فهم البروتوكول، والذى استهدف تنظيم سوق التأمين خاصة فى نشاط الطبى والذى شهد منافسة شرسة، انعكست على مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين لاسيما مع عدم خضوع شركات الرعاية لرقابة الهيئة، مقابل خضوع شركات التأمين لتلك الرقابة بموجب القانون .
وأوضح أن بروتوكول التعاون سعى إلى التنسيق بين شركات التأمين والرعاية بحيث تقوم الأولى بإصدار التغطيات التأمينية، خاصة وأن هذا دورها الرئيسى وفقا لقانون الإشراف والرقابة على التأمين مقابل قيام شركات الرعاية بإدارة العمليات التأمينية لصالح شركات التأمين، وفقا لآلية الطرف الثالث فى العملية التأمينية أو ما يعرف بـ «TPA» ، مؤكدا إنهاء الأزمة خلال الأيام القليلة المقبلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق