تسود عالم الاقتصاد اليوم فلسفة قوية مضمونها أن التكتلات الكبيرة تستطيع مواجهة المنافسة وافتراس المنافسين الصغار، لذلك أصبحت المنافسة معقدة في ظل العولمة الاقتصادية. ومن الأهمية تأسيس كيانات كبيرة تضيف ميزات تنافسية تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على مواكبة المنافسة، بل تحتاج الشركات الكبيرة إلى مواكبة التغيرات العالمية لتكوين قيمة مضافة لاقتصادنا الوطني، وذلك من خلال أنظمة تحمي الاقتصاد السعودي من الاحتكار، وتشجع شركاتنا الوطنية على المنافسة العادلة. وما نشهده اليوم من تغيرات اقتصادية محلية وعالمية يتطلب المزيد من القوة والثبات الاقتصادي لبناء منافسة مستدامة. من هذا المنطلق يعد الاندماج بين شركات التأمين الصغيرة حاجة ملحة لقيام تآزر يزيدها قوة تساعد على تنمية حصتها التسويقية بين الشركات العالمية المنافسة. بلا شك يعد الاندماج بين شركات التأمين الصغيرة السعودية أحد الخيارات الناجحة للتغلب على الأداء الضعيف ومشاكل الإفلاس.
الاندماج بين الشركات السعودية، خاصة بين شركات التأمين الصغيرة رؤية إستراتيجية تهدف لتحسين الأداء التنافسي لهذه الشركات من خلال التكامل بينها لتكوين كيانات متكاملة وقوية لما لذلك من اهمية في بناء قدراتها التنافسية. القوة التآزرية من خلال الاندماج تساعد الشركات على النجاح والبقاء والاستمرار في السوق، لكنها قد لا تنجح عندما لا تتوافر الظروف المناسبة للاندماج. عوامل نجاح الاندماج بين الشركات السعودية كثيرة وأهمها التجانس في المنتجات والخدمات التي تقدمها للزبائن والتجانس في الثقافة التنظيمية والرؤية والرسالة أو الغرض من إنشائها والوضوح في الأهداف من الاندماج.
وقد تقوم الشركات بعد الاندماج بإعادة هيكلتها للتخلص من بعض الموظفين الذين يزيدون عن حاجتها لأنهم يصبحون تكلفة تضعف تحقيق الأهداف من الاندماج، بحيث تنهى خدمات بعض الموظفين الذين لا يساهمون في نجاح الاندماج. وهنا أرى أهمية صياغة ثقافة جديدة لا تهيمن عليها أي من الثقافتين للشركتين المندمجتين قبل اندماجهما، بل تتبنى ثقافة مؤسسية تناسب الهيكلة الجديدة في ظل الاندماج حتى لا تضعف معنويات وولاء والتزام الموظفين الذين سيبقون في خدمة الشركة بعد الاندماج. الاندماج الذي أنصح به يكون بين الشركات المتجانسة في الرسالة والأهداف والمنتجات مما يزيدها قوة تنافسية بعيدا عن الاحتكار.
من أكثر المعوقات التي تواجه الاندماج بين الشركات السعودية مجالس إداراتها والإدارة التنفيذية لأنها لا تريد أن تفقد السيطرة على شركاتها بعد الاندماج، ناهيك عن الخوف من الاستغناء عنهم. وأرى أن للموظفين دورا كبيرا في مقاومة التغيير برفضهم الاندماج. وعندما لا تتوافر الإدارة ذات الرؤية الإستراتيجية فإن الشركات تفقد مسارها الصحيح وتفلس كما حدث للكثير منها حول العالم. وقد لا تجد الشركات التي ترغب في الاندماج الأنظمة واللوائح الحكومية التي تسهل العملية ما يجعلها معقدة وغير جاذبة للشركات. ولا نقلل من دور اللوائح المنظمة العديدة في التقليل من شأن الاندماج.
وأشير هنا إلى أهمية قيام هيئة استشارية عليا تقوم بمراجعة متخصصة للاندماج بين الشركات الصغيرة المدرجة في سوق الاسهم للمحافظة على المصالح العليا فالمملكة مقبلة إن شاء الله على عصر تجاري وصناعي واعد يفرض علينا دخول وخروج شركات من السوق ما يجعل إستراتيجية الاندماج مطلبا قويا وفوريا لحماية الأمن الاقتصادي السعودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق