يقال ان «الحاجة ام الاختراع»..ولو تفحصنا التاريخ لوجدنا أن هناك الكثير من السيدات كن خلف تلك الاختراعات العظيمة اللتي نفعت البشرية، فهناك سيدات مُخترِعات، توصَّلن بجهودهن الفردية إلى إنجاز اختراعات مهمة تتجاوز فائدتها حدود بلداهنّ إلى العالم أجمع، اليوم سنلتقي مع واحدة من أعظم مخترعات القرن العشرين.. هي السيدة الأمريكية العظيمة “ماريون اوبراين دونوفان”Marion O’Brien Donovan، فلو علمت نساء اليوم كم عانت جداتهن قبل ابتكاراتها في مجال الصحة والعناية الشخصية والجمال والإحتياجات المنزلية، لقدَّمن الشكر لها باستمرار ليل نهار، حيث يرجع لها الفضل فى تطوير صناعة الحفاضات فى منتصف القرن العشرين.
بدأت الحكاية في “ساوث بيند” بولاية “انديانا” تحديداً في 15 أكتوبر عام 1917م في عندما ولدت “ماريون دونوفان”، في عائلة مخترعين، وحينما بلغت السابعة من عمرها كانت قد أصبحت يتيمة الأم، ولم يكن اللعب في أوقات الفراغ هاجس لديها كما باقي أقرانها، و حيث كانت تؤثر الذهاب إلى مصنع والدها “ميل أوبراين” وأخيه التوأم جون.
«الابتكار والأختراع» كان هو الجو السائد في المكان الذي تربت فيه، وبين الأشخاص المحيطين بها، فوالدها هو مبتكر المخرطة، التي كانت تُعرف في ذلك الوقت بـ “مخرطة ويست بند”، عام 1906م التي كانت تصنع سبطانات البنادق والمسدسات، لذا كانت على الدوام تفكر فيما ستخترعه، وتطرح أفكارها على والدها، الذي بشخصيته الفذة كان يشجعها على الأبتكار، لقد طرحت عليه صناعة مسحوق للأسنان، وهي في المدرسة الأبتدائية، وعلى الرغم من اعتبار ذلك فكرة غريبة، كان يدفعها للبحث عن كيفية تنفيذ ذلك، لم تتحقق فكرتها، لكن ما تحقق أهم منها، وهي روح التمكن من صناعة أي شيء، إنها “روح المبادرة”.
كانت تحلم بأن تصبح مبتكرة لأشياء كبيرة، لكن أقدار الحياة دفعتها إلى أن تصبح مبتكرة لأشياء صغيرة نستعملها في حياتنا اليومية، تخرجت “ماريون” في الجامعة سنة 1939م، بشهادة في الأدب الإنجليزيمن كلية “روزمونت”، وعملت مساعدة محرر الشوؤن التجميلية في مجلة «فوغ» الشهيرة.
هناك تعرفت إلى «جيمس دونوفان» وتزوجت منه في عام 1942م، وأنتقلت معه الى يستبورت، كونيتيكت، وعندما أنجبت أول أطفالها بدأت تعاني الأمرين من استعمال حفاظات القماش، وبحلول عام 1946م كانت معانتها أكبر كونها رابة منزل وأصبحت أم لطفلين، فما أن يستيقظ الطفل من غفوته، حتى يكون ألزاماً عليها أن تغيِّر ليس فقط الحفاظ الذي يردته، بل وشراشف الفراش أيضاً، وبعض ثياب الطفل، ولم يعد هناك وقت لغير ذلك، فشعرت حينها أن أحلامها الكبيرة بدأت تذوي، لكن ذهنها المتوقد دفعها لاكتشاف حل لذلك. وفي أحدي ليالي عام 1948م ألتمع في ذهنها فكرة حفاظ مانع للتسرب، فجاءت بستارة دوش حمامها المصنوعة من النايلون وماكينة خياطة، وأبتكرت “كيس حفاظ مانع للتسريب” يمكن غسله وأستعماله مرة أخري، عرف باسم “الطاقيةBoater “، تعبيراً عن (غطاء حفاضات مقاومة للماء)، وعرضته تجارياً لأول مرة في العام التالي 1949م، فى متجر”ساكس فيفث أفينيو” بنيويورك، وهكذا بدأت بصناعة وتسويق هذا الحفاظ الجديد.
وقد نالت عدة براءات اختراع عن تطوير هذه الحفاضات الأولي من نوعها، وكان اختراعها نتيجة لتطويرها أقمشة ضد تسريب المياه، ونال الإختراع إعجاب الكثير من الناس، وحاز على ردود فعل ايجابية واسعة، وحصلت (ماريون) على ثروة طائلة.
ونالت سنة 1951م أربع براءات اختراع هي الأولى لها، في السنة نفسها باعت “ماريون دونوفان” حقوق الاختراع، وكذلك شركتها الخاصة بها بمليون دولار لشركة “كيكو” المتخصصة في ملابس الأطفال
فكرتها الثانية كانت جواباً لتساؤل “لماذا لا يكون هناك حفاظ يستعمل لمرة واحدة؛ ليوفر عملية الغسل وإعادة استعماله؟”، فأخترعت حفاضات الأطفال أحادية الأستعمال، والتى تستعمل مرة واحدة، لتحقيق ذلك الأبتكار صممت “دونوفان” ورقاً قوياً وماصاً للرطوبة في الوقت نفسه، ويجعل تكلفة الحفاظ أقل مما هو بكثير.
وراحت تزور شركات الورق لصناعة هذا النوع، لكن معظم الذين استشارتهم كانوا يتهكمون عليها محاولين إقناعها بألاَّ لزوم لذلك، خمدت فكرتها هذه لمدة غير قصيرة، ربما دفعها ذلك للتفكير بإحداث تغيير كبير في حياتها، فقررت دراسة الهندسة المعمارية في جامعة “ييل”، ونالت شهادة الماجستير، في عام 1958م، في سن إحدى وأربعين، وكانت في صفها امرأتان فقط.
بعد عشر سنوات على فكرة الورق المقوى تحديداً عام 1961م، التقطها “فيكتور ميلز” الذي أسس شركة «بامبرز» العالمية الشهيرة التي لاقت نجاحاً باهراً حتى يومنا هذا، فكانت أبتكارات “دونوفان” وحي تأسيس شركة (بامبرز) الشهيرة .
وأكملت “دونوفان” ابتكاراتها المتعلقة بأشياء منزلية بسيطة منها:-
– وعاء للصابون يمتص الرطوبة إلى البالوعة.
– وتر مطاطي يمكن وصله بسحاب الفستان من الخلف، بحيث إن المرأة تستطيع تسكيره من فوق كتفيها، ثم نزعه بسهولة لاستعماله ثانية.
– خيط الأسنان، اسمه التجاري «دانتالوب»، مصنوع بشكل دائري يستطيع الذي يستعمله تنظيف أسنانه بسهولة.
– شماعة ملابس تستطيع أن تستوعب حوالي 30 قطعة بطريقة نظيفة ومناسبة.
وقد كانت “دونوفان” تقوم بتسويق ابتكاراتها بنفسها، وقد قامت بزيارة مصانع ألمانية لترى الأنواع المختلفة من أدوات معالجة الأسنان، كما زارت بصحبه ابنتها «كريستين» معظم عيادات الأسنان والصيدليات للترويج لـ خيط الأسنان “دانتالوب”.
هذا وقد توفيت “دونوفان” عام 1998م وبحوزتها 20 براءة اختراع…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق