الكتاب : فتاوى دار الإفتاء المصرية
المؤلف : دار الإفتاء المصرية المصدر : موقع وزارة الأوقاف المصرية http://www.islamic-council.com |
تعزية غير المسلم
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجوز أن يعزى الإنسان شخصا غير مسلم فى وفاة قريب له ، وهل يقول المرحوم ، أو اللّه يرحمه ؟
الجواب
أما مبدأ التعزية فمشروع ، وهو من ضمن البر الذى جاء فى قوله تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اللّه يحب المقسطين} الممتحنة : 88 ، وقرر الفقهاء أن يقال لغير المسلم : أخلف اللّه عليك ، ومن صور المجاملات أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد غلاما يهوديا كان يخدمه وعرض عليه الإسلام فأسلم ، كما رواه البخارى فى "الأدب المفرد " وذكره ابن حجر فى "المطالب العالية "ج ا ص 212 فالمجاملات جائزة ولكن فى حدود المشروع .
وقد يجرى على بعض الألسنة عند العزاء أو الحديث عن ميت غير مسلم عبارة : المرحوم فلان ، أو اللّه يرحمه ، فإن كانت العبارة إخبارا عن الميت بأنه مرحوم فذلك لا يصح ، لأنه ذهب إلى ربه بما عمل وهو أعلم به ، حتى الإخبار عن المسلم بأنه مرحوم هو أمر ظنى لا ينبغى أن يؤخذ مأخذ الحقيقة .
روى الترمذى أن غلاما استشهد يوم أحد ، فوجد المسلمون على بطنه حجرا مربوطا، بسبب الجوع ، فمسحت أمه التراب عنه وقالت : هنيئا لك الجنة يا بنى، فقال صلى الله عليه وسلم "وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ، ويمنع ما لا يضره " .
فإذا كان هذا فى المسلم فغير المسلم من باب أولى لا نخبر عنه بأنه مرحوم أو ذهب إلى رحمة اللّه . وإذا كانت رحمة اللّه وسعت كل شىء لكنه كتبها للمؤمنين الصالحين ، الذين يتبعون النبى الموصوف فى التوراة والإنجيل .
أما الدعاء له بالرحمة، أو قراءة الفاتحة ليرحمه الله ، فذلك للمسلم جائز إذا مات على الإيمان بأن لم يصدر عنه شىء يكفر به ، أما غير المسلم فقد تحدث العلماء عن الاستغفار أو طلب الرحمة له ، فى حال حياته أو بعد مماته ، فقالوا : إن كان حيًّا جاز الاستغفار وطلب الرحمة والهداية بالتوفيق إلى الإيمان ، وعليه يحمل ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال عن قومه المشركين "اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون " رواه البخارى ومسلم وذلك على بعض الأقوال التى قالت : إن هذا إنشاء من الرسول ، وليس حكاية عن نبى سابق دعا لقومه .
ويحمل أيضا ما رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم لما زار عمه أبا طالب فى مرضه الذى مات فيه وعرض عليه الإسلام فأبى ، قال " أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنْه عن ذلك " فأنزل الله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو للّه تبرأ منه } التوبة : 113 ، 114 .
فالاستغفار للأحياء جائز لأن إيمانهم مرجو، أما من مات فقد انقطع عنه الرجاء فلا يُدعى له . قال ابن عباس : كانوا يستغفرون لموتاهم فنزلت ، فأمسكوا عن الاستغفار، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا .
فالدعاء لمن مات غير مؤمن بأن اللّه يرحمه أو غفر له ، أو قراءة الفاتحة له لذلك لا يجوز، وقد روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له .
لا يقال إن الآية خاصة بالموتى المشركين ، أما اليهود والنصارى فليسوا كذلك ، لا يقال هذا لأن اللّه قال فى كل من كان على غير الإسلام {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين} آل عمران :85 ، وقال فى عباد الأصنام وغيرهم من اليهود والنصارى {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } البينة : 6 ، ووصف بعض أهل الكتاب بأنهم كفار فقال جل شأنه { لقد كفر الذين قالوا إن اللّه هو المسيح ابن مريم } وقال تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } المائدة : 72 ، 73 .
وقال تعالى فى الكفار جميعا {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون } البقرة : 161 ، 162 ، .
ومن هنا لا يجوز وصف الميت غير المسلم بأنه مرحوم ، ولا الدعاء له بالرحمة
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجوز أن يعزى الإنسان شخصا غير مسلم فى وفاة قريب له ، وهل يقول المرحوم ، أو اللّه يرحمه ؟
الجواب
أما مبدأ التعزية فمشروع ، وهو من ضمن البر الذى جاء فى قوله تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اللّه يحب المقسطين} الممتحنة : 88 ، وقرر الفقهاء أن يقال لغير المسلم : أخلف اللّه عليك ، ومن صور المجاملات أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد غلاما يهوديا كان يخدمه وعرض عليه الإسلام فأسلم ، كما رواه البخارى فى "الأدب المفرد " وذكره ابن حجر فى "المطالب العالية "ج ا ص 212 فالمجاملات جائزة ولكن فى حدود المشروع .
وقد يجرى على بعض الألسنة عند العزاء أو الحديث عن ميت غير مسلم عبارة : المرحوم فلان ، أو اللّه يرحمه ، فإن كانت العبارة إخبارا عن الميت بأنه مرحوم فذلك لا يصح ، لأنه ذهب إلى ربه بما عمل وهو أعلم به ، حتى الإخبار عن المسلم بأنه مرحوم هو أمر ظنى لا ينبغى أن يؤخذ مأخذ الحقيقة .
روى الترمذى أن غلاما استشهد يوم أحد ، فوجد المسلمون على بطنه حجرا مربوطا، بسبب الجوع ، فمسحت أمه التراب عنه وقالت : هنيئا لك الجنة يا بنى، فقال صلى الله عليه وسلم "وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ، ويمنع ما لا يضره " .
فإذا كان هذا فى المسلم فغير المسلم من باب أولى لا نخبر عنه بأنه مرحوم أو ذهب إلى رحمة اللّه . وإذا كانت رحمة اللّه وسعت كل شىء لكنه كتبها للمؤمنين الصالحين ، الذين يتبعون النبى الموصوف فى التوراة والإنجيل .
أما الدعاء له بالرحمة، أو قراءة الفاتحة ليرحمه الله ، فذلك للمسلم جائز إذا مات على الإيمان بأن لم يصدر عنه شىء يكفر به ، أما غير المسلم فقد تحدث العلماء عن الاستغفار أو طلب الرحمة له ، فى حال حياته أو بعد مماته ، فقالوا : إن كان حيًّا جاز الاستغفار وطلب الرحمة والهداية بالتوفيق إلى الإيمان ، وعليه يحمل ما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال عن قومه المشركين "اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون " رواه البخارى ومسلم وذلك على بعض الأقوال التى قالت : إن هذا إنشاء من الرسول ، وليس حكاية عن نبى سابق دعا لقومه .
ويحمل أيضا ما رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم لما زار عمه أبا طالب فى مرضه الذى مات فيه وعرض عليه الإسلام فأبى ، قال " أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنْه عن ذلك " فأنزل الله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو للّه تبرأ منه } التوبة : 113 ، 114 .
فالاستغفار للأحياء جائز لأن إيمانهم مرجو، أما من مات فقد انقطع عنه الرجاء فلا يُدعى له . قال ابن عباس : كانوا يستغفرون لموتاهم فنزلت ، فأمسكوا عن الاستغفار، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا .
فالدعاء لمن مات غير مؤمن بأن اللّه يرحمه أو غفر له ، أو قراءة الفاتحة له لذلك لا يجوز، وقد روى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له .
لا يقال إن الآية خاصة بالموتى المشركين ، أما اليهود والنصارى فليسوا كذلك ، لا يقال هذا لأن اللّه قال فى كل من كان على غير الإسلام {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين} آل عمران :85 ، وقال فى عباد الأصنام وغيرهم من اليهود والنصارى {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } البينة : 6 ، ووصف بعض أهل الكتاب بأنهم كفار فقال جل شأنه { لقد كفر الذين قالوا إن اللّه هو المسيح ابن مريم } وقال تعالى : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } المائدة : 72 ، 73 .
وقال تعالى فى الكفار جميعا {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون } البقرة : 161 ، 162 ، .
ومن هنا لا يجوز وصف الميت غير المسلم بأنه مرحوم ، ولا الدعاء له بالرحمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق