عبدالله الجعيثن
من المعروف أن الأرقام المجردة لا تخدع ولا تناقض المنطق ١+١=٢ باتفاق.
لكن هناك وجهاً آخر تكون فيه الأرقام قابلة للخداع، وهو خداع قد لا يكون مقصوداً في أكثر الأحيان، لكن الذي يقرؤه وهو على غير وعي تام بما تعنيه المتوسطات قد يصاب بالذهول والاستغراف ويستخدم آلته الحاسبة ويضربها أكثر من مرة وهي تظهر له صحة (الأرقام المعلنة) لأنها - ببساطة - محسوبة بنفس الآلة وإنما الخداع في تفاصيلها، والغربيون يقولون: يسكن الشيطان في التفاصيل.
نصيب الفرد من الناتج المحلي لأي بلد يتم بقسمة مجموع الناتج المحلي على عدد السكان فيظهر نصيب الفرد بالأرقام، ولكن هل هو صحيح في كل الأحوال؟ بالطبع لا.. فالناس مداخيلهم تختلف جداً، وأحياناً اختلاف الثريا عن الثرى!
فالأرقام الإحصائية تقيس الأمور بالمسطرة، بالتساوي، أما الأرقام الواقعية فلا تفعل ذلك أبداً، فهي واقعية وليس للإنسان منها إلا ما ناله فعلاً.
ولتوضيح كيفية خداع الأرقام كمتوسطات، نفرض أن خمسة أشخاص تواجدوا في مجلس واحد، فقال واحد منهم:
متوسط ما يملك كل واحد من هؤلاء الخمسة مليون ريال.
فرد عليه رجل فقير:
أنت مجنون؟ أنت طفران وأنا أطفر منك.. ما تملك ألف ريال.. قال مليون قال!
فرد عليه صاحب المتوسطات:
أنا قلت لك متوسط ما يملكه هؤلاء.. أنا وأنت لا نملك إلا على ألف ريال.. لكن الثلاثة الباقين يملكون مجتمعين خمسة ملايين ريال، أقسمها علينا يصبح متوسط ما يملك كل واحد منا مليون ريال.
كذلك قد يجتمع في صالة مئة رجل فإذا طلب متوسط العمر صار ٢٥ سنة بينما الواقع أنه لا يوجد فيهم شاب واحد، نصفهم أجداد ونصفهم أطفال أحفاد.. المتوسط صحيح ظاهرياً لكنه قد يخدع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق