الاثنين، 8 مايو 2017

سلامة المرضى وجودة الرعاية الصحية




سلامة المرضى وجودة الرعاية الصحية

تاريخ النشر: الإثنين 08 مايو 2017
شهدت مدينة أبوظبي، خلال اليومين الماضيين، ورشة عمل نظمتها دائرة الشؤون الأكاديمية بشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، حول سلامة المرضى، وتحسين مستوى وجودة الخدمات المقدمة في قطاع الرعاية الصحية. وقد شارك في هذه الفعالية التي تمت بمبادرة وإشراف من الدكتور علي العبيدلي المدير التنفيذي لإدارة الشؤون الأكاديمية بشركة «صحة»، كل من البروفيسور «كفين وايز» أستاذ الطب الإكلينيكي بكلية طب «فاينبرج» التابعة لجامعة «نورث وسترن» بالولايات المتحدة، والذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس المجلس الأميركي لاعتماد التعليم الطبي التخصصي (ACGME)، وممثلين عن «البورد» السعودي للتخصصات الطبية، وعن «البورد» الأردني للتخصصات الطبية أيضاً، ولفيف من الأطباء والإداريين العاملين بمختلف الجهات والمؤسسات الصحية داخل الدولة.
ويختص مجال سلامة المرضى بالتركيز على الأمن والأمان في قطاع الرعاية الصحية، من خلال السعي نحو خفض الأخطاء الطبية قدر الإمكان، وربما منعها تماماً، مع إنشاء وتفعيل نظام يقوم بالإبلاغ عن وتسجيل وتحليل هذه الأخطاء إن وقعت، وخصوصاً إذا ما أدت إلى مضاعفات وتبعات سلبية على المريض. والغريب أنه على رغم ممارسة الإنسان لأشكال وأنواع مختلفة من الطب عبر آلاف السنين، واحتلال الطب في شكله الحديث لمكانة خاصة ومتميزة منذ أكثر من قرن على الأقل، فإن مدى ونطاق وعدد المضاعفات الصحية الناتجة عن الرعاية الصحية لم يكن معروفاً بشكل تام أو صحيحاً حتى عقد التسعينيات، عندما بدأت عدة دول في الإبلاغ عن وتسجيل الحالات التي يتعرض فيها المرضى للأذى أو الوفاة داخل المؤسسات الصحية بسبب الأخطاء الطبية، ليكتشف الجميع أن عدد تلك الحالات مذهل ومفجع بدرجة كبيرة. حيث أظهرت الدراسات والإحصائيات أن من بين كل عشرة أشخاص يتلقون نوعاً أو آخر من الرعاية الصحية أو العلاج، يتعرض واحد منهم لضرر بدني، أو الوفاة، بسبب خطأ طبي، وهو ما دفع بمنظمة الصحة الدولية لتوصيف سلامة المرضى بأنها «اهتمام متوطن» ودائم للمنظمة، ولجميع نظم الرعاية الصحية المختلفة حول العالم.
ولا يقتصر هذا الوضع على الدول الفقيرة أو الدول النامية في العالم الثالث، بل يمتد ليشمل الدول الصناعية الغنية أيضاً، بما في ذلك الولايات المتحدة التي تتمتع بأفضل التقنيات الطبية، وبأفراد طاقم طبي يتميزون بالحرفية والمهارة العالية. وهو ما أشار إليه البروفيسور «كفين وايز» في ورشة عمل «صحة» عندما ذكر أن تقديرات الوفيات في الولايات المتحدة عام 2000، تتراوح بين 44 ألفاً و95 ألفاً سنوياً، بناء على تقديرات واحد من أشهر المراجع في هذا الموضوع، والذي حمل عنوان «الخطأ طبيعة بشرية» (To Err Is Human) والصادر عن لجنة الجودة في الرعاية الصحية بالولايات المتحدة، ومعهد الطب، والمعروف حالياً بالأكاديمية الوطنية للطب.
وعلى ما يبدو أن هذه التقديرات السابقة، قد ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. ففي بداية الصيف الماضي نشرت واحدة من أشهر وأعرق الدوريات الطبية (BMJ)، نتائج دراسة أجرتها مجموعة من الأطباء والعلماء في كلية الطب بجامعة «جونز هوبكنز» بولاية مريلاند الأميركية، وخلصت إلى أن الأخطاء الطبية أصبحت تحتل المرتبة الثالثة على قائمة أسباب الوفيات في الولايات المتحدة.
وتوصل أطباء «جونز هوبكنز» إلى هذه النتيجة المثيرة من خلال تحليلهم لبيانات أربع دراسات أخرى، اختصت جميعها بجمع وتصنيف أسباب الوفيات ما بين عامي 2000 و2008. وانطلاقاً من هذه البيانات، وبناء على أن أكثر من 35 مليون مريض دخلوا أو حجزوا في المستشفيات الأميركية عام 2013، استنتجت الدراسة أن الأخطاء الطبية تسببت في أكثر من 250 ألف وفاة بينهم، في ذلك العام فقط، وهو ما يعني أن الأخطاء الطبية أصبحت مسؤولة عن 9.5 في المئة من جميع الوفيات في الولايات المتحدة، مما يضعها في المرتبة الثالثة، بعد أمراض القلب والشرايين التي تحتل المرتبة الأولى، والأمراض السرطانية التي تحتل المرتبة الثانية، وبمرتبة متقدمة عن الأمراض التنفسية المزمنة، التي كانت تحتل المرتبة الثالثة سابقاً.
وأمام هذا الوضع، من السهل إدراك لماذا أصبحت قضية الأخطاء الطبية، ومجال سلامة المرضى، من المكونات الأساسية وبالغة الأهمية في أي نظام رعاية صحية حول العالم يسعى نحو تقديم أفضل رعاية ممكنة لمستخدميه، وبأعلى قدر من الحرفية والفعالية، وأقل قدر من الخطأ والضرر. وهو ما حدا بمنظمة الصحة العالمية إلى إطلاق «برنامج سلامة المرضى» في عام 2004، وهو البرنامج الذي تعمل أكثر من 140 دولة حالياً للسير على توصياته للوصول إلى تحقيق أهدافه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق