لم يكمل أيام شفائه بالمستشفى الخاص بعد عمليته البسيطة وبدل المكوث أسبوعا تفاجأ بعد يوم واحد أن شركة التأمين تخبره بضرورة مغادرته متجاوزة أوامر الطبيب الذي طالبه بالملاحظة الطبية لثلاثة أيام، فغادر المشفى وهو لا يزال مريضا.
وأخرى، قالت إن زوجها، رجل أعمال شاب، تعرض لحادث مروري عنيف بعد خروج شاحنة ثقيلة في مساره وهو يقود سيارته، أدى لاصابته بشلل كامل أثر على عقله ولم يعد يدرك شيئا، ورغم اعتراف سائق الشاحنة بمسؤوليته لم توافق شركة التأمين على تعويضه والتكفل بمصاريف مرضه، تاركة أمر رعايته الطبية على عاتق زوجته الشابة التي اضطرت للبحث عن وظيفة لتعيل بها عائلتها بعد أن سددت مصاريف المستشفى بنفسها، على أثر تخلي شركة التأمين عن القيام بدورها واضطرت أن ترفع قضية على شركة التأمين «العالمية» والتي تمتلك عدة فروع في العالم.
هو أمر يدعو للحيرة، أين المشكلة بالضبط؟! هل في الشركة التي تستهين بعملائها في الخليج وتمارس احتيالا غير مبرر، أم في القوانين والتشريعات التي تسمح لمثل هذه الشركات بأن تمارس النصب على المستهلكين بطرق مختلفة، هذه الأمثلة أحدها؟
نجح قطاع التأمين بشكل كبير وملحوظ ليكون فاعلا ومطلوبا من قبل الأفراد والمؤسسات على السواء في المنطقة، وتشكل للناس وعي كبير بأهمية التأمين بأنواعه بالذات التأمين على الحياة، كصاحب الحادث الذي ظل يدفع قسط التأمين على الحياة طيلة حياته وحين احتاج لاسترداده وقت إصابته لم يحصل عليه ولم يستفد منه، وحقق هذا القطاع نسبة نمو كبيرة، من خلال معدل الارباح الموازي التي حصل عليها، فقد بلغ حجم سوق التأمين (التقليدي) في المنطقة أكثر من 37 مليار دولار بينما بلغ التأمين الاسلامي (التكافلي) 9 مليارات دولار بحسب تقارير مختصة.
وفيما تؤكد وكالة مودز على أن أقساط التأمين خلال الفترة من 2006 الى 2014 وصلت إلى 22.2 مليار دولار من 6.4 مليار دولار بمعدل نمو سنوي بلغ 16.8 بالمائة في منطقة الخليج. مرجعة سبب النمو مدفوعاً بعوامل منها الاقبال على منتجات التأمين وتنامي الثروة في المنطقة. ترى وكالة (إس آند بي جلوبال) أن سوق التأمين في المنطقة وبالذات في «الكويت وقطر والامارات والسعودية» مستقر، ويتواصل ارتفاع أقساط التأمين في تلك الأسواق خلال العام 2017، بنحو 30 بالمائة في الكويت، وبنسبة تصل إلى 10% في الأسواق الثلاث الأخرى.
هذه التقارير تحمل لنا اطمئنانا مبطنا بأن سوق التأمين في المنطقة مزدهر. إذن، لم تتخلف شركات التأمين عن الدفع والتراجع عن صنع سمعة جيدة لها في سوق التأمين الصغيرة التي قد تحتاجها في المستقبل؟! إلا إذا كانت تلك التقارير بمثابة دعاية للقطاع وشركاته في محاولة لإعادة ترتيب موقعه المنهزم بفعل المخاطرة في سوق تقشفية!!
فشركات التأمين التي تعمل في الأزمات لديها نظام مخاطرة يعمل بطريقة عكسية في حالة الأزمات الكبيرة لا يتوجب عليها افراغ خزينتها على كامل المنتفعين صحيح، ولكن بموجب أسعار الفائدة فهي تستند إلى وسادة مالية كافية وذات ضمانات أكيدة بحسب تقارير الشركات المالية المنشورة فهل هذا صحيح؟!.
يرى صندوق النقد أن حالة العسر لقطاع التأمين محتمل من خلال انخفاض اسعار الفائدة مع عجز ما يقارب ربع شركات التأمين في المنطقة عن الوفاء بنسب رأس المال الالزمية المحققة للملاءة، وأن شركات التأمين الضعيفة هي مصدر محتمل للتداعيات- وما أكثرها بسوقنا- والمعالجة تكون بسياسات السلامة الاحترازية على المستويين الكلي والجزئي والذي يقع عاتقها على صناع السياسات والاجهزة الرقابية والتشريعية لتجاوز مستوى الوقاية من مخاطر الاعسار والعدوى التي تتعرض لها الشركات في سوقنا صغيرة.
فالتقارير المحلية لكل دولة على حدة في المنطقة تؤكد على أن قطاع التأمين يعاني الكثير، وخسائر كبيرة في أرباح شركاته بالذات المحدودة وأن السوق الخليجية الصغيرة لم تعد مربحة كالسابق، وعليه وجب الانتباه لها قبل أن نحاط بعدوى أزمة تظهر لنا مؤشراتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق