مقال د.صلاح بين فهد الشلهوب بالاقتصادية
في خبر نشر في صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 11 جمادى الآخرة 1438هـ الموافق العاشر من آذار (مارس) 2017 أعلنت شركة سند للتأمين إقرار مجلس إدارتها قرار التصفية، وكما جاء في الخبر "في أول حالة من نوعها في تاريخ سوق الأسهم السعودية، أعلنت شركة سند للتأمين، إقرار مجلس إدارتها قرار التصفية الاختيارية، على أن تتم دعوة الجمعية العامة غير العادية للانعقاد والتصويت على هذا القرار، تطبيقا للمادة الـ 150 من نظام الشركات الذي أصدرته وزارة التجارة والاستثمار. وجاء قرار "سند للتأمين" بالتصفية الاختيارية بعد أن بلغت الخسائر المتراكمة للشركة، نحو 176 مليون ريال بنهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، وتعادل هذه الخسائر نحو 88 في المائة من رأسمال الشركة، البالغ 200 مليون ريال في نهاية الفترة ذاتها". هذا الخبر يشكل صدمة لهذا القطاع الذي يعتبر حديث النشأة في المملكة الذي يمكن أن يقدم إضافة اقتصادية للاقتصاد الوطني ويقدم خيارات تأمينية تلبي احتياج الأفراد والمؤسسات.
شركات التأمين في المملكة منذ فترة تواجه مجموعة من الصعوبات التي كان لها أثر في الوصول إلى الحالة التي وصل إليها سهم "سند للتأمين"، وتوجد أسهم أخرى حاليا تجاوزت الخسائر المتراكمة نسبة 75 في المائة، وبعضها وصلت الخسائر إلى أكثر من 50 في المائة، وما زال بعض الشركات يعاني حاليا صعوبات للخروج من حالة الخسائر المتراكمة التي قد تصل بها إلى الحالة التي وصلت إلى "سند"، وشركة سند تعتبر حالة نادرة في السوق السعودية. فالسؤال هنا ما تقييم الحالة التي تعيشها شركات التأمين، وكيف يمكن لبعضها أن تخرج من هذه الأزمة التي تعيشها التي يمكن أن تصل بها إلى حالة الإفلاس والتصفية؟ لا شك أن شركات التأمين في المملكة تعاني ضعفا في الإقبال على منتجاتها لاعتبارات منها: ضعف وعي المجتمع بمنتجات التأمين وأهميتها خصوصا في قطاع الأعمال والاستثمار علما بأن التأمين يقدم وظائف وخدمات أكبر من تغطية الخسائر التي تطرأ على الأصول المؤمن عليها، وهنا تأتي أهمية الوعي بالتأمين وكيف يمكن أن يقدم خدماته لعملائه، ومن ذلك أن منتجات التأمين محدودة في السوق وهذا يعني أن فرص الشركات ستكون ضعيفة في تحقيق أرباح، إضافة إلى المخاطر التي تتعلق بالاعتماد على منتج واحد أو منتجين في السوق، وهذا يجعل من تلك الشركات رهينة لهذين المنتجين، ومن الصعوبات التي تواجه سوق التأمين في المملكة ضعف المعلومات الخاصة بالسوق ما ينعكس على القدرة على الحسابات الإكتوارية التي أدت إلى عدم وضع تسعير مناسب للتأمين مع العلم أن سوق التأمين حاليا لها تجربة جيدة في السوق في المملكة بعد فترة لا بأس بها، ومن الصعوبات أن شركات التأمين تستثمر الأموال المجمعة لديها، وقد تتعرض هذه الأموال إلى خسائر في حال استثمارها في أدوات عالية المخاطر؛ وهذا كان له دور في تعرض بعض شركات التأمين إلى خسائر قد تكون كبيرة.
وللخروج من هذه الأزمة التي تعيشها شركات التأمين لا بد من أن يكون لهذه الشركات جهد في تقديم مجموعة متنوعة من المنتجات التي تلبي احتياجات الأفراد وتزيد من تنوع السوق وتخفف من حجم المخاطر عليها.
من القضايا المهمة في موضوع التأمين العناية بالجانب الشرعي فيها، فرغم أن هيكلة التأمين في المملكة مبنية على التأمين التعاوني إلا أن مجموعة من العلماء المتخصصين في مجال المعاملات المالية لديهم تحفظ على جانب توزيع الفائض، ولعل رد الفائض بالكامل للعميل أو الاحتفاظ به بغرض الاستفادة منه في صندوق المشتركين وليس المساهمين قد يجعل الإقبال على التأمين أكبر من قبل الأفراد.
بعض المختصين يقترح مسألة الاندماج بين شركات التأمين فيما بينها لبناء كيانات أكثر كفاءة إلا أن هذا المقترح يعيبه أنه سيحد من المنافسة بين شركات التأمين ما ينعكس على تكلفة التأمين في السوق. فالخلاصة أن بعض شركات التأمين اليوم في المملكة يعيش أزمة وذلك لمجموعة من الأسباب تتعلق بالتنوع في المنتجات وضعف الوعي في المجتمع بأهمية التأمين، وقلة المعلومات بسبب حداثة التأمين في السوق السعودية، وهذا يستدعي اهتمام شركات التأمين بتنويع المنتجات بغرض تقليل المخاطر وزيادة فرص الربح، إضافة إلى أهمية العناية بالوعي بفائدة التأمين للأفراد والشركات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق