الجمعة، 17 مارس 2017

للتاريخ : صور من حياة الشيخ محمد السادات

نتيجة بحث الصور عن الشيخ السادات


الشيخ "محمد السادات"
----------------------------
من أكبر الشيوخ مقاماً وأعظمهم شأناً وأوسعهم جاهاً وثروة، وأعزهم منزلة بين الناس لأخلاقه الكريمة ولنسبه الشريف، حيث كان ينتمي للسادة الأشراف من سلالة الرسول المصطفي وبعد أن وصلت الحملة الفرنسية إلى القاهرة، واستقرت الأوضاع لـ"نابليون" فيها، قام بتشكيل (الديوان)، وهو مجلس يمكننا أن نشبهه بمجالس الحكم الانتقالي في زماننا الحالي، وكان هذا الديوان يتكون من 9 أعضاء من شيوخ الأزهر، وكانت مهمته هي الوساطة بين شعب مصر و"نابليون"، أي أنه كان مجرد واجهة مصرية لأوامر "نابليون"، وبالمقابل فإن عضوية الديوان كانت منصباً يشار لصاحبه بالبنان، وتكفل عضوية الديوان لصاحبها العز والجاه والنفوذ، ولكن الشيخ "السادات" أعرض عن هذا كله ورفض تكليف "نابليون" له بالمشاركة في الديوان..

وعندما قامت ثورة القاهرة الأولى اتهمه الفرنسيون بأنه كان المحرض الرئيسي عليها، وتوافرت الأدلة على ذلك بالفعل، الأمر الذي كانت عقوبته الوحيدة هي الإعدام، ولكن "نابليون" رأى أن إعدام الشيخ "السادات" سيثير مشاعر الناس ويجعل منه شهيداً، فلم يقتله..

وحين ثارت القاهرة للمرة الثانية في عهد "كليبر"، اتُهم الشيخ "السادات" من جديد بتزعم الثورة، وتذكر "كليبر" تصرف "نابليون" فلم يقتل الشيخ "السادات"، لكنه فرض عليه غرامة باهظة (حوالي 150 ألف فرنك)، فلما رفض أن يدفعها أمر بسجنه في القلعة، وكان ينام على التراب، ويمشون به على قدميه في شوارع القاهرة، ويضربونه صباحاً ومساءً بالعصا، وحبسوا أتباعه وخدمه، وأرادوا أن يقبضوا على زوجته وابنه فلم يجدوهما، فعذبوا خادماً للشيخ "السادات" عذاباً شديداً حتى دل الفرنسيين على مكانهما، فقبضوا عليهما، وسجنوا الشيخ "السادات" مع زوجته في زنزانة واحدة، فكانوا يضربونه أمامها وهي تبكي، وهاجموا داره ففتشوها ونهبوا ما كان فيها من مال ومتاع بل وحفروا أرضها للبحث عما فيها من سلاح وأموال، وبعدها أفرجوا عنه فبل أن يعودوا ويعتقلوه في القلعة مرة أخرى لخمسين يوماً ولم يفرجوا عنه ثانية إلا بعد أن دفع كل ما طلبوه منه، وبعد أن صادروا جميع ممتلكاته، وحددوا إقامته في منزله وشرطوا عليه ألا يجتمع بالناس إلا بإذنهم..

وقد مرض ابن الشيخ "السادات" وهو في السجن فلم يخرجه الفرنسيون ليراه، ثم مات فأذنوا له بالسير في جنازته وهو تحت الحراسة ثم عادوا به إلى السجن من جديد.. ويذكر "نابليون بونابرت" في مذكراته أن هذه المعاملة المهينة التي عامل بها "كليبر" الشيخ "السادات" كانت السبب الرئيسي في اغتياله بعد ذلك على يد "سليمان الحلبي"..

ولم يكن موقف الشيخ "السادات" المعادي للفرنسيين لمجرد أنهم أعداء محتلون للوطن، ولكنه كان موقفا عاما ضد الظلم والطغيان التزمه الرجل طوال حياته مهما كلفه هذا..

فعندما أمر "نابليون" مثلاً بعزل واعتقال قاضي القضاة التركي في مصر "ملا زادة" لم يتصدّ له أحد إلا الشيخ "السادات" لا حباً في الأتراك بقدر ما هو نابع من كرهه للظلم، فنجده يقف في وجه الوزير التركي "حسن باشا الجزايرلي" حين أوفدته الدولة العثمانية سنة 1786 م إلى مصر لمحاربة المماليك واستعادة سلطتها المطلقة في مصر، فقد أسرف "حسن باشا" فٍي الطغيان واستباح أموال المماليك وقبض على نسائهم وأولادهم وأمر ببيعهم في أسواق الرقيق، زاعماً بأنهم ملك لبيت المال، فذهب إليه الشيخ "السادات" وقال له: "أأنت أتيت إلى هذا البلد وأرسلك السلطان لإقامة العدل ورفع الظلم كما تقول أم لبيع الأحرار وأمهات الأولاد وهتك الحرمات؟"، فقال "حسن باشا": "هؤلاء عبيد لبيت المال"، فأجابه "السادات": "هذا لا يجوز ولم يقل به أحد"، فغضب الباشا على "السادات" وهدده بأن يبلغ السلطان معارضته لأوامره، فلم يعبأ "السادات" بتهديده وأصر على معارضته حتى أفحمه وأجبره على تغيير رأيه..

كان "السادات" في موقفه هذا معارضاً لسياسة الدولة العثمانية ومتحدياً مبعوثها، ومؤيداً المماليك الذين كانت تعدهم الدولة من العصاة، ووقف كذلك في وجه "حسن باشا" عندما صادر أموال الأمراء المماليك، فقد فر زعماؤهم من القاهرة إلى الوجه القبلي حتى لا يبطش بهم "حسن باشا"، وأودع "إبراهيم بك" عند "السادات" أمانات ثمينة، فعلم بذلك "حسن باشا"، فأرسل يطلب هذه الودائع، فرفض بحزم أن يسلمها وقال له: "إن صاحبها لم يمت، وقد كتبت على نفسي وثيقة بذلك فلا أسلمها ما دام صاحبها على قيد الحياة"، فكاد "حسن باشا" يقتله لولا أن خشي من نفوذه ومنزلته بين قومه..

وقف الشيخ "محمد السادات" هذا الموقف وهو أعزل لا سلاح معه إلا سلاح الحق، وقاوم إرادة وزير من وزراء الدولة جاء على رأس جيش ليعيد مصر إلى سلطة الدولة العثمانية، ولا يقف مثل هذا الموقف وخاصة في ذلك العصر إلا من كان على درجة كبيرة من الشجاعة، فنجد "الجبرتي" يقول عن الشيخ "السادات": "فاشتد غيظ "حسن باشا" منه، وقصد البطش به فحماه الله منه ببركة الانتصار للحق، وكان الباشا يقول لم أرَ في جميع الممالك التي دخلتها من تجرأ على مخالفتي مثل هذا الرجل..".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق